للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَ مَعَه فَلَمَّا أعْطى قَضَاء مصر من الشَّام صَحبه مَعَه وَكَانَ قَاضِي الْقُضَاة الْمَذْكُور أَمر بالتفتيش على كَنِيسَة فى الْقُدس وَعين مَعَه الصَّدْر أَحْمد بن عبد الله الْمَعْرُوف بفورى مفتى الْحَنَفِيَّة بِدِمَشْق وَكَانَ اتَّصل بمسامع الدولة أَن النَّصَارَى جددوا شَيْئا فى الْكَنِيسَة فَخَرجُوا من دمشق فى يَوْم الِاثْنَيْنِ ثامن عشر شعْبَان سنة ثَمَان وَسبعين وَتِسْعمِائَة فوجدوا وَالنَّصَارَى قد أَحْدَثُوا أوضاعا مُنكرَة ووجدوا الى جَانب الْكَنِيسَة مَسْجِدا قَدِيما هدم الْكفَّار جدرانه وحولوا وَضعه الْقَدِيم وجددوا بُنْيَانه فَأمر قاضى الْقُضَاة بهدم مَا جددوه فهدمه الْمُسلمُونَ وأعلنوا بِالتَّكْبِيرِ وأقيمت صَلَاة الْجَمَاعَة فى عصر ذَلِك الْيَوْم فى الْمَسْجِد الْمَذْكُور وَصلى قاضى الْقُضَاة الْمشَار اليه اماماا بِالنَّاسِ ثمَّ زاروا بعض الْمشَاهد ورحل القاضى وفى خدمته صَاحب التَّرْجَمَة الى الْقَاهِرَة وَرجع فورى الى دمشق فوصلوا الْقَاهِرَة فى نَهَار الاربعاء سادس عشرى شهر رَمَضَان وَاجْتمعَ صَاحب التَّرْجَمَة بالاستاذ سيدى مُحَمَّد البكرى وَوَقع بَينهمَا محاورات ومراسلات أورد صَاحب التَّرْجَمَة كثيرا مِنْهَا فى رحلته مِنْهَا أَنه حضر الاستاذ للسلام على قاضى الْقُضَاة وَكَانَ أول اجتماعه بِهِ قَالَ فتقدمت وَقبلت يَده وَقلت لَهُ يَا مَوْلَانَا هَذَا السَّلَام المجازى يُرِيد أَن سلامى عَلَيْكُم هُنَا مجازى للملاقاة وَأما السَّلَام الحقيقى فَهُوَ أَن أحضر الى خدمتكم فَلَمَّا ذهبت الى بَيته رآنى مُقبلا فَلَمَّا صافحته قَالَ لى هَذَا السَّلَام الحقيقى فلمح الى قَول أَبى الْعَلَاء وَمن بالعراق قَالَ وَأهْديت اليه هَدِيَّة من قلب الفستق واللوز والصنوبر وكتبت اليه

(لما تملك قلبى حبكم فغدا ... مُجَردا فِيهِ قلبا رق واستعرا)

(حررته فغدا طَوْعًا لخدمتكم ... محررا خَادِمًا وافاك معتذرا)

(فعاملوه بجبر حَيْثُ جَاءَكُم ... مُجَردا بمزيد الْحبّ منكسرا)

يقبل الْيَد الشَّرِيفَة ويلثم الرَّاحَة اللطيفة وَينْهى انه أهْدى مَا يُنَاسب اهداؤه لارباب الْقُلُوب ويلائم ارساله لاصحاب الغيوب فَقدم العَبْد رجلا وَأخر أُخْرَى فى أَن يهدى الى جنابكم الشريف مِنْهُ قدرا علما مِنْهُ بِأَنَّهُ شئ حقير لَا يوازى مقامكم الخطير وَقد توارى بالحجاب حَيْثُ وافاكم وَهُوَ حسير وَمَا مثل من يهدى مثله الى ذَلِك الجناب الا كالبحر يمطره السَّحَاب ثمَّ انه تهجم باهداء هَذَا الْقدر الْيَسِير فان وَقع فى حيّز الْقبُول انجبر الْقلب الكسير وَلَا يعزب عَن علم مَوْلَانَا بلغه الله أملا النَّمْل يعْذر فى الْقدر الذى حملا قَالَ ثمَّ اجْتمعت بعد ذَلِك

<<  <  ج: ص:  >  >>