للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كثيرين شاهدوا مِنْهُ الصّرْف من الْغَيْب فِيمَا يُنْفِقهُ فى بعض أوقاته وَمِنْهَا ان شخصا كَانَ يحب آخر لغَرَض فَاسد فَذهب مَعَه لمحل ليختلى بِهِ فَمر من تَحت بَيت المترجم فَرَآهُ فناداه فطلع اليه فَأمره بِالْجُلُوسِ مَعَ صَاحبه بَقِيَّة يَوْمه ومنعهما من الذّهاب وجلسا عِنْده فى ذَلِك الْيَوْم الى آخر النَّهَار فَأَمرهمَا بالانصراف وَقَالَ للمحب يَا فلَان ذهب عَنْك الْحَال الذى كنت فِيهِ الْيَوْم قَالَ فَزَالَ وَالله من ذَلِك الْوَقْت عَنى جَمِيع مَا كنت أَجِدهُ من تِلْكَ الْمحبَّة الْمَذْكُورَة وتبت الى الله تَوْبَة خَالِصَة وَله من هَذَا الْقَبِيل كرامات كَثِيرَة لَا يُمكن استقصاؤها لكثرتها وَمن غَرِيب مَا اتّفق لَهُ ان ثَلَاثَة من أَصْحَابه زاروه يَوْمًا سنة مَوته فتذاكروا الْمَوْت فَقَالُوا لَهُم على سَبِيل المداعبة قد قربت وفاتى جدا وَأَنت يَا فلَان تلحقنى بِسُرْعَة ثمَّ فلَان ثمَّ فلَان فصاحوا عَلَيْهِ وَقَالُوا مَا كَانَ لنا حَاجَة بِهَذَا الْكَلَام فَقَالَ لابد من ذَلِك فَمَا مَضَت أَيَّام قَليلَة حَتَّى مَاتَ ولحقه المذكورون كَمَا ذكر وَاحِدًا بعد وَاحِد وَكَانَت وَفَاته فى يَوْم الاربعاء ثَالِث وعشرى شهر ربيع الثانى سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَألف وَدفن ببيته الذى كَانَ يسكنهُ ملاصقا لقبر أَبِيه وجده لامه بِقرب جبل شظا على طَرِيق الذَّاهِب الى المعلاة رَحمَه الله تَعَالَى

مُحَمَّد بن أَحْمد بن على البهوتى الحنبلى الشهير بالخلوتى المصرى الْعَالم الْعلم امام الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول الْمُفْتى الْمدرس ولد بِمصْر وَبهَا نَشأ وَأخذ الْفِقْه عَن الْعَلامَة عبد الرَّحْمَن البهوتى الحنبلى تلميذ الشَّمْس مُحَمَّد الشامى صَاحب السِّيرَة ولازم الْعَلامَة مَنْصُور البهوتى الحنبلى وَأخذ الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة عَن الشهَاب الغنيمى وَبِه تخرج وانتفع واختص بعده بِالنورِ الشبراملسى ولازمه فَكَانَ لَا يُفَارِقهُ فى دروسه من الْعُلُوم النظرية وَكَانَ يجرى بَينهمَا الدَّرْس محاورات ونكات دقيقة لَا يعرفهَا من الْحَاضِرين الا من كَانَ من أكَابِر الْمُحَقِّقين وَكَانَ الشبراملسى يجله ويثنى عَلَيْهِ ويعظمه ويحترمه وَلَا يخاطبه الا بغاية التَّعْظِيم لما هُوَ عَلَيْهِ من الْفضل ولكونه رَفِيقه فى الطّلب وَلم يزل ملازما لَهُ حَتَّى مَاتَ وَكتب كثيرا من التحريرات مِنْهَا تحريراته على الاقناع وعَلى الْمُنْتَهى جردت بعد مَوته من هَامِش نُسْخَة فبلغت حَاشِيَة الاقناع اثنى عشر كراسا وحاشية الْمُنْتَهى أَرْبَعِينَ كراسا وَله شعر مِنْهُ قَوْله

(سمحت بعد قَوْلهَا لفؤادى ... ذب أسى يَا فُؤَاده وتفتت)

(وَنَجَا الْقلب من حبائل هجر ... نصبتها لصيده ثمَّ حلت)

<<  <  ج: ص:  >  >>