وتزهد حَتَّى شاع ذكره وقصدته الطّلبَة من الاقطار وانتفع بِهِ جم غفير مِنْهُم وَلَده السَّيِّد الْجَلِيل أَحْمد بن نزيل مَكَّة وسيدى الصنو أَحْمد وَالشَّيْخ عبد الله بن زين بافقيه وَالسَّيِّد على بن عمر فَقِيه وَغَيرهم من الْعلمَاء والادباء ورزق فى الْعِبَادَة أوفر نصيب وَكَانَ جوادا كَرِيمًا حَلِيمًا عفيفا وَكَانَ بَصيرًا بِزَمَانِهِ متواضعا خلوقا عَظِيم الْقدر والهيبة وَله رسائل فى علم التصوف وَكَانَت وَفَاته فى سنة أَرْبَعِينَ وَألف رَحمَه الله تَعَالَى
مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد وَتقدم تَمام نسبه فى تَرْجَمَة ابْن أَخِيه ابراهيم بن أَبى الْيمن البترونى الحلبى مفتى الْحَنَفِيَّة بحلب وَيعرف بمفتى الْعقبَة لسكناه فى محلّة الْعقبَة كَانَ قَلِيل البضاعة فى الْعلم وَتَوَلَّى الْفَتْوَى وَلم يكن أَهلا لَهَا وَسبب ذَلِك أَن الشَّيْخ فتح الله البيلونى كَانَ كثير الْعَدَاوَة لاخى مُحَمَّد الْكَبِير وَهُوَ أَبُو الْجُود الْمُقدم ذكره وَكَانَ البيلونى مُعْتَقد الْوَزير الاعظم نصوح باشا وَشَيْخه وَاتفقَ أَن مُحَمَّدًا صَاحب التَّرْجَمَة ذهب الى الرّوم لطلب المعاش من قَضَاء أَو غَيره فأنزله البيولنى عِنْده وأكرمه وَقَالَ لَهُ اقْضِ مآربك ثمَّ بعد أَيَّام قَالَ لَهُ قد شفعت لَك عِنْد الْوَزير الاعظم وَأخذت لَك منصبا جَلِيلًا وَلَا أُعْطِيك الاوراق حَتَّى تقطع الْبَحْر وأودعك الى أسكدار وأسلمها لَك فَفعل فَلَمَّا ودعه سلمه مَكْتُوب الْفَتْوَى فَامْتنعَ وَقَالَ أَنا لست أَهلا لذَلِك وَهل يمكننى التَّصَرُّف بهَا مَعَ وجود أخى الشَّيْخ أَبى الْجُود فَقَالَ لَهُ ان لم تقبل أسعى على اهانتك ونفيك فَلم يَسعهُ الا الْقبُول وَلما دخل الى أَخِيه قبل أقدامه وَعرض عَلَيْهِ هَذَا الامر فَقَالَ جعله الله مُبَارَكًا وَأَنا أعلم أَن هَذَا من مكر فتح الله فافعل وَلَا تخَالف فاننا نخشى شَره ثمَّ بعد لم يقبلهَا أَبُو الْجُود وَتصرف بهَا مُدَّة مُحَمَّد ووجهت بعده لاخيهما أَبى الْيمن وَكَانَ أَبُو الْيمن وَمُحَمّد بِمَنْزِلَة الخدام عِنْد أخيهما الْكَبِير أَبُو الْجُود الْمَذْكُور وَكَانَت وَفَاة مُحَمَّد فى سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَألف
مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن على بن مُوسَى بن خضر الخيارى المدنى الشافعى الاديب الاريب اللوذعى نَشأ وَحفظ الْقُرْآن وَأخذ بِالْمَدِينَةِ عَمَّن بهَا من الْعلمَاء الاعيان ورحل الى مصر وَالشَّام وَالروم وَكَانَ ينظم الشّعْر وَله شعر وسط مِنْهُ قَوْله بمدح شيخ الاسلام يحيى المنقارى مفتى الرّوم
(فى كل قطر حَيْثُ ذكرك ينشر ... يَبْدُو الثَّنَاء عَلَيْك مسك أذفر)
(وتود أَرْبَاب الْمقَام بِأَنَّهَا ... من ترب نعلك دَائِما تتعطر)