قَوْله تَعَالَى {يسئلونك عَن الْخمر وَالْميسر} فَقَالَ الْآن أَنا أكتب على قَوْله تَعَالَى {ظهر الْفساد فِي الْبر وَالْبَحْر} وَحكى أَنه قَالَ لَهُ شيخ الاسلام يحيى بن زَكَرِيَّا بلغنى عَنْك انك تسْتَعْمل الْخمْرَة وتبعث بعض غلمانك الى الحانة ليأتيك بهَا وَهَذَا لَا يَلِيق بشأنك فَقَالَ أما الشَّأْن فلست فى شَأْنه وَأما قَوْلك انى أبْعث بعض غلمانى فَلَا كَانَ ذَلِك لَان الله جعل لى رجلَيْنِ فَأَنا أسعى الى الحانة وأشربها فى محلهَا وَهَذَا من بَاب الغلوقى المداعبة والا فقدره يجل عَن كل هَذَا وينقل عَنهُ فى هَذَا الْبَاب أَشْيَاء غَرِيبَة أخر ولعلها مصنوعة وَقد ولى مناصب عديدة مِنْهَا قَضَاء قسطنطينية وَقَضَاء العسكرين ولشعراء عصره فِيهِ مدائح كَثِيرَة ويعجبنى مِنْهَا قصيدة كَانَ أَحْمد ابْن شاهين الدمشقى مدحه بهَا وَهُوَ بالروم يهنيه بِقَضَاء الْعَسْكَر ومطلعها
(بِنَا مِنْك مَا بِالربعِ من وجد مغرم ... سوى أننا نشكوا وَلم يتَكَلَّم)
(شَكَوْنَا لَهُ وَهنا فظلت رِكَابنَا ... تميد بِنَا أكوارهن وترتمى)
(ورحنا نواليه بصوب غمامة ... من الدمع تغنى عَن سمال وزمزم)
(هى الدَّار دَار الْمَالِكِيَّة والهوى ... تجل بِأَن توطا بخف ومنسم)
(سقى الله أَيَّامًا صَحِبت بربعها ... جآذر بَانَتْ فى عرينة ضيغم)
(غرمت شبابى والشباب تعلة ... وَلَكِن من يشرب هوى الغيد يغرم)
(وَمَا الشيب شيب العارضين وانما ... هى النَّفس شابت بَين جنبى فَاعْلَم)
(هرمت وَلم يعل المشيب عوارضى ... وَلَكِن من يهجر وعيشك يهرم)
(على انها الايام تلعب بالفتى ... فتحزن مَسْرُورا وتلهو بمغرم)
(لحا الله ذى الدُّنْيَا حَدِيثا السامر ... ونصرا لمظلولم ويسرا لمعدم)
(طلبنا بهَا مقدارهمات صدرنا ... فضاقت كَمَا ضَاقَ الْبَخِيل بدرهم)
(وَلَو أَن كفى قد أميطت بهمتى ... لطال الى نيل السماكين معصمى)
يَقُول فى مديحها
(فيا عَالما فى ثَوْبه كل عَالم ... وَمَا الدَّهْر الا فى مقَام التَّعَلُّم)
( ... لِيهن قَضَاء الرّوم حِين وليته ... ببسطة علم مثل رَأْيك مُحكم)
(ويهن بنى الدُّنْيَا جَمِيعًا فلنهم ... لقوك وَقد وافوا لاعظم منعم)
(فَللَّه أَقْلَام بكفك أَصبَحت ... تجول بتفسير الْكتاب المكرم)
(وَللَّه هَذَا السعى اذ رحت منشيا ... لحاشية قد أوضحت كل مُبْهَم)