للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

للاحكام بالمحكمة الْكُبْرَى الاديب الشَّاعِر النَّاظِم الناثر اشْتغل فى الْعلم ثمَّ تَركه وتعانى التوقيع وَالشعر وَكَانَ لطيف الذَّات حُلْو النادرة وَمن ألطف مَا وَقع لَهُ انه كتب على خَاتمه من شعره

(يَرْجُو ابْن عُثْمَان الامين الصالحى ... من ربه حسن الختام الصَّالح)

وَكَانَ مغرما بالهجاء وثلب اعراض النَّاس وَقيل لَهُ مَالك لَا يكَاد يجود شعرك الا فى الهجاء فَقَالَ خاطرى لَا يغْرف الامن الْبَحْر المنتن وَحكى البورينى أَنه سَمعه مَرَّات يَقُول كل شَاعِر لَهُ عينان نضاختان فى فكره الْوَاحِد عذبة للمديح وَمَا يُضَاف اليه وَالثَّانيَِة مُنْتِنَة للهجو وَمَا يُقَاس عَلَيْهِ وَأما انا فلى عين وَاحِدَة فَقَط وهى الْعين الثَّانِيَة فانى لَا أعرف الا الهجو المثالب قَالَ فَقلت لَهُ تَبًّا لَك يَا بغيض هَل يَلِيق بك أَن تقبح محَاسِن القريض فَقَالَ هَذِه جبلة ذاتيه وطبيعة على القبيحة مبنيه وَمن شعره قَوْله فى هجو عَمه ولى الدّين البزورى

(اذا رَأَيْت ولى الدّين مفتكرا ... مُنَكسًا رَأسه انسانه ساهى)

(فَذَاك من أجل دُنْيَاهُ لَا الْآخِرَة ... خوفًا من الْفقر لَا خوفًا من الله)

وَله فى بنى الْخطاب الَّذين كَانُوا قُضَاة مالكية بِالشَّام أهاج كَثِيرَة وَقد جمعهَا فى جُزْء خَاص وَسَماهُ قرع القبقاب فى قرعَة بن الْخطاب وَفِيه كل عَجِيبَة وكل مسَبَّة غَرِيبَة فَمن ذَلِك قَوْله

(بَيت ابْن خطاب غَدا ... بَيْتا قَلِيلا خَيره)

(ينْفق فِيهِ عاشق ... قَامَ عَلَيْهِ أيره)

وَنظر يَوْمًا الى شُهُود محكمَة الْكُبْرَى فَوَجَدَهُمْ تِسْعَة وَهُوَ وَاحِد مِنْهُم وَوجد قضاتهم أَرْبَعَة وَمِنْهُم كَمَال الدّين أحد بنى خطاب الْمَذْكُورين فَقَالَ

(قَالَت لنا الْكُبْرَى أما ... آن لكم مَا توعدون)

(قضاتنا أَرْبَعَة ... لكِنهمْ لَا يعلمُونَ)

(شهودنا عدتهمْ ... تِسْعَة رَهْط يفسدون)

(والكتخدا والترجمان ... فى الْجَحِيم خَالدُونَ)

وَمن شعره مقوله يهجو بعض الادباء

(يَخُوض بعرضى من غَدا عَار دهره ... وَمن هُوَ أدنى من سجَاح واكذب)

(وَمن أقعدته همة الْمجد والعلا ... وطارت بِهِ للخزى عنقاء مغرب)

<<  <  ج: ص:  >  >>