للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمن كَانَ فى عهد الحداثة نَاقَة ... يُقَاد الى أردى الانام ويركب)

(وَقد كَانَ قصدى أَن أبين وَصفه ... وَلَكِن اجمال القبائح أنسب)

وَدخل يَوْمًا على الخواجه الرئيس أَبى السُّعُود بن الْكَاتِب فأنشده

(يَا من بِهِ رق شعرى ... وجال فى الْفِكر وَصفه)

(قد مزق الدَّهْر شاشى ... وَالْقَصْد شاش أَلفه)

فَأعْطَاهُ شاشا وَبِالْجُمْلَةِ فنوادره كَثِيرَة وَكَانَت وِلَادَته لَيْلَة عيد الْفطر سنة خمسين وَتِسْعمِائَة وَتوفى وَقت الضحوة الْكُبْرَى من يَوْم الْخَمِيس ثَالِث عشر شعْبَان سنة أَربع بعد الالف وَدفن فى قبر وَالِده فى تربة الفراديس

مُحَمَّد بن عُثْمَان الصيداوى الْفَقِيه الاصولى الشافعى الْمَذْهَب نزيل دمشق كَانَ من الْعلمَاء العاملين كَامِل الْخِصَال كثير التَّقْوَى وَالصَّلَاح والورع وَكَانَ زاهدا فى الدُّنْيَا لذيذا المصاحبة خَفِيف الرّوح تميل اليه الْقُلُوب الا أَنه كَانَ حاد المزاج كثير الانفعال مَعَ صفاء السريرة وَكَانَ عُلَمَاء دمشق يعظمونه وَلِلنَّاسِ فِيهِ اعْتِقَاد عَظِيم وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ بَقِيَّة السّلف خرج من بلدته صيدا وَهُوَ فى ابان الطّلب فَدخل الْقَاهِرَة وَأخذ عَن علمائها وَأقَام مُدَّة بِجَامِع الازهر وبرع فى كل الْفُنُون واشتهر صيته وَكَانَ مَعَ تغربه ذَا وجاهة وايثار على طلبة الازهر قَرَأت فى ثَبت الشَّمْس مُحَمَّد بن على المكتبى الدمشقى قَالَ لما حججْت فى سنة تسع وَخمسين وَألف اجْتمعت فى مَكَّة بِالْحَافِظِ الشَّمْس مُحَمَّد البابلى فسألنى عمر بِدِمَشْق من الْعلمَاء وَعَمن اجْتمع فى مصر حَال قِرَاءَته على مشايخه فسردتهم عَلَيْهِ وَاحِد بعد وَاحِد الى أَن وصلت فى التعداد الى شيخى الصيداوى فَبكى وَقَالَ لَيْسَ لَاحَدَّ على منَّة وَلَا فضل سواهُ لانه كَانَ يَأْتِيهِ من أَبِيه دَنَانِير من الذَّهَب فيصرفها علينا ويطعمنا بهَا لذيذ الاطعمة وَيَأْخُذ الى الاماكن المفرحة ويمزح مَعَ كل منا بِمَا يُوَافقهُ حَتَّى انه أعطانى جوخة سَوْدَاء جَاءَتْهُ من وَالِده ليلبسها وَكَانَ ذرعها أَرْبَعَة أَذْرع وَنصف فَلم تكفنى على الْعَادة فطفت مصرا أتطلب فِيهَا نصف ذِرَاع لتتميمها فَلم أجد فشار على بعض الاخوان بِبَيْعِهَا وَقَالَ اشْتَرِ بدلهَا من الجوخ فَبِعْت كل ذارع مِنْهَا بِخمْس من الريال واشتريت بِبَعْض الثّمن جوخة خضراء مَعَ كافتها وَهَا أَنا لابس لَهَا الى يَوْم تَارِيخه مَعَ مَا فضل لى من الثّمن انْتهى ثمَّ قدم الى دمشق فى سنة ثَلَاثِينَ وَألف وَأقَام بمحلة القنوات وأقرأ وَأفَاد وَكَانَ لَا يفتر

<<  <  ج: ص:  >  >>