للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الطيبى الصَّغِير والشهاب العيثاوى وَرجع الى بَلَده ودرس بِالْمَدْرَسَةِ النورية وَتفرد بهَا عِنْد انْقِرَاض الْفُضَلَاء وحمدت طَرِيقَته وَأفْتى مُدَّة وَعظم شَأْنه ثمَّ لما ماست الامير مُوسَى بن على بن الحرفوش أَمِير بعلبك وَاسْتولى عَلَيْهَا الامير يُونُس ابْن عَمه بعد فتْنَة ابْن جانبولاذ رَحل الى دمشق مَعَ من رَحل من بعلبك وَسكن دمشق مُدَّة ثمَّ ألجأته الضَّرُورَة الى الرُّجُوع اليها فَلم ير من الامير يُونُس مَا كَانَ يعهده من الاقبال فَصَارَ كَاتبا محكمَة بعلبك وَأقَام بهَا وَكَانَ أديبا حسن الشّعْر وَكَانَ بَينه وَبَين الْحسن البورينى محبَّة أكيدة وَأَنا شيد وَذكره فى تَارِيخه وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ وكتبت اليه مرّة مَكْتُوبًا مرغوبا وقررت فِيهِ مراما مَطْلُوبا ورقت فى صَدره هَذِه الابيات

(يَا لَيْت شعرى وَالزَّمَان تنقل ... هَل نلتقى من بعد طول تفرق)

(أم هَل يعود الْقرب بعد تبَاعد ... وتزول اسباب الْفِرَاق ونلتقى)

(يَا قلب مهلا قد أطلت تحسرى ... وحبست فى طرفى القريح تأرقى)

( ... ومنعت عينى ان تشاهد منْظرًا ... يحلو لَهَا أَو حسن روض مونق)

(أسفا على تِلْكَ الليالى ليتها ... طَالَتْ وليل الْوَصْل فِيهَا قد بقى)

فَكتب الى بعد مُدَّة الْجَواب ورقم فى أَوله هَذِه الابيات مُشِيرا الى أَمر أوهم خاطره حُصُول بعض الْمُضْمرَات فَقَالَ

(قَالَ العداة واكثروا لَا امهلوا ... وجوانحى حذرا عَلَيْك تحرق)

(أَمْسَى وَأصْبح والها متنسما ... خَبرا بِروح نسيمه أترفق)

(هَذَا ولى جسم أَسِير قلبه ... بيد الهموم ودمع عينى مُطلق)

(ولسان سرى لَا يزَال مكررا ... يَا رب صنه على مِمَّا أشْفق)

قَالَ فأجبته بمكتوب كتبت فى صَدره هَذِه الابيات مُشِيرا لى رد مَا توهمه من الْمُضْمرَات على حِكَايَة بعض الحساد لَا فازوا بِحُصُول مُرَاد فَقلت

(كذبت ظنون الحاسدين وأخفقوا ... وتعذبوا طول المدى وتحرقوا)

(لَا كَانَ مَا راموه من آمالهم ... وَتَفَرَّقُوا أيدى سبا وتمزقوا)

(يلغون فى حقى وَذَلِكَ منهمو ... سَبَب لاظهار الْكَمَال مُحَقّق)

(مَاذَا يروم الحاسدون من الذى ... طول الزَّمَان لَهُ الصفاء الْمُطلق)

(مَا كَانَ مِنْهُ الْكسر يَوْمًا لامرئ ... من دهر مفيه انكسار موبق)

(بل دأبه جبر الْقُلُوب وَهَذِه ... صفة بهَا كل الْخَلَائق تنطق)

<<  <  ج: ص:  >  >>