تفنن فى الْعُلُوم الرياضيات وبرع فى الْعُلُوم الْحكمِيَّة وَأما مَعْرفَته بِعلم الْحَرْف فانه الْمُتَصَرف فِيهِ وَكَانَ مطلعا على مواقع الْعَرَب وغرر الاخبار وَهُوَ فى ذَلِك بَحر زاخر لَيْسَ لَهُ قَرَار وَأما علم الادب وَالشعر فقد أبدع فِيهِ غرائب أَنْوَاع السحر وَكَانَ من المنتصرين لابى الْعَلَاء المعرى ويحفظ أَكثر شعره وَيَرْوِيه وَيكرهُ كل من يذمه أَو يسيئ الظَّن فِيهِ واذا ذكر فى مَجْلِسه يمدحه غَايَة الْمَدْح وَيَقُول هَل خلا كَامِل غَيره من الْقدح وَيَقُول جَمِيع مَا نسب اليه من الاقوال المذمومة افتراء عَلَيْهِ وَيُقِيم الادلة على ذَلِك وينشد لَهُ من الشّعْر مَا يُنَاقض مَا هُنَالك وَله مؤلفات مِنْهَا نظم الاسماء الْحسنى يدل على علو مقَامه وَذكره البديعى فَقَالَ فى وَصفه فَاضل تقتبس مشكاة الصّلاح من نوره وتطلب الْهِدَايَة من جَانب طوره وموشحاته وشحت كل جمع وقرعت كل سمع وَمن خوارقه أَنه بعد مَا بلغ اشده خَاضَ بَحر القريض واستمده والشاعر يَقُول فى الْمَعْنى
(وماذا يطْلب الشُّعَرَاء منى ... وَقد جَاوَزت حد الاربعين)
وَقد أَشَارَ اليه السَّيِّد أَحْمد بن النَّقِيب فى مُكَاتبَة كتبهَا اليه يَقُول فِيهَا
(قسما بِمن جعل الْفَضَائِل والمعالى حَشْو بردك ... )
(وحباك مِنْهُ قريحة ... كعصا سميك فى أشدك)
(أبطلت سحر بنى القريض بهَا فَكنت نَسِيج وَحدك)
(فتلقفت مَا يصنعون فآمنوا رغما بمجدك ... )
(ان القوافى قد ملكت زمامها بعلو جدك ... )
(وَأخذت كل فريدة ... مِنْهَا تضئ بسمط عقدك)
(وَبَلغت مِنْهُ مَا تروم فَلم يصل أحد لحدك)
(فَلَانَتْ فى شهبائها ... ملك القريض برغم ضدك)
(فَاسْلَمْ وَلَا رميت بَنو الْآدَاب فى حلب بفقدك ... )
فَأَجَابَهُ بقصيدة طَوِيلَة مِنْهَا
(فَوق الشداد تشرعت ... يَا ابْن النَّقِيب قباب مجدك)
(وأطاعك الشّرف الرفيع فَأَنت فِيهِ نَسِيج وَحدك ... )
(أَتعبت جد بنى الْعُلُوم فقصروا عَن نيل جدك ... )
(وغدوت ترفل فى العلى ... تيها وترغم أنف ضدك)