صَاحب التَّرْجَمَة رَسُولا يحذرهُ الْحُضُور من الطَّرِيق الْعَام فَسَار من طَرِيق آخر فَلَمَّا رَآهُ السُّلْطَان عرف انها مكيدة فَأَشَارَ اليه بِالْعودِ بِيَدِهِ فَلم يُمكنهُ ذَلِك فَأرْسل اليه السُّلْطَان رَسُولا وَأَخذه الى الدَّاخِل ثمَّ ان الْعَسْكَر قتلوا الْحَافِظ الْوَزير الاعظم ونصبوا رَجَب باشا مَكَانَهُ وَجعلُوا ابْن أخى مفتيا وخمدت الْفِتْنَة ثمَّ ان السُّلْطَان الْتفت الى صَاحب التَّرْجَمَة وَقَالَ لَهُ قد عزلك الْقَوْم وَأَنا مَا عزلتك فسر الى حديقتك واشتغل لنا بِالدُّعَاءِ واذا صَار سلطانك سُلْطَانا كَمَا كَانَ صرت مفتيا كَمَا كنت ثمَّ فَارقه فَسَار الى دَاره ثمَّ توجه الى بستانه الْمَعْرُوف بِهِ بطوب قبوسى من أَبْوَاب قسطنطينية وبقى ثمَّة الى أَن قتل ابْن أخى فى رَجَب سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين فأعيد وبقى فى هَذِه الْمرة الى ان مَاتَ وَلم يتَّفق لَاحَدَّ من الْمُفْتِينَ مَا اتّفق لَهُ من طول الْمدَّة والاقبال وَالْحُرْمَة وَالْجَلالَة وَلم يمدح أحد بِمَا مدح بِهِ من مشاهير الشُّعَرَاء ومدائحه الَّتِى جمعهَا التقى الفارسكورى وَقد تقدم ذكر خَبَرهَا فى تَرْجَمَة من ابْتِدَاء تَوليته قَضَاء حلب الى ان ولى قَضَاء الْعَسْكَر بروم ايلى وَمَا بعد ذَلِك فقد تكفل والدى بِجمع حِصَّة مِنْهَا بلغت مِقْدَار ثَلَاثَة كراريس وهى قَطْرَة من بَحر ورزق السَّعَادَة فى الجاه والحفدة بِحَيْثُ صَار أحد ملازميه وَهُوَ الْمولى عبد الله بن عمر خواجه زَاده قاضى الْعَسْكَر بروم ايلى وَولى الافتاء من جماعته ثَلَاثَة وهم مصطفى البولوى وَمُحَمّد البورسوى وَمُحَمّد الانقروى وَأما من ولى مِنْهُم قَضَاء العسكرين وَغَيرهمَا من المناصب والمدارس وَالْقَضَاء من أهل الرّوم ودمشق وحلب وَغَيرهَا فَلَا يُحصونَ كَثْرَة وَأَكْثَرهم شاعت فضائلهم وعمت فواضلهم وَبِالْجُمْلَةِ فانه أستاذ الاساتذة وَأعظم الصُّدُور الجهابذة وَقد جمع شيخ الاسلام مُحَمَّد البورسوى فَتَاوِيهِ الَّتِى وَقعت فى عَهده فى كتاب سَمَّاهُ فَتَاوَى يحيى وَهُوَ الْآن مَشْهُور متداول وَأما شعره العربى فَمِنْهُ تخميس الْبردَة للبوصيرى يَقُول فى مستهله
(لما رَأَيْتُك تذرى كالغنم ... غرقت فى لجج الاحزان والالم)