(حليتها الْعَسَل وياقوتة ... صبغ من العسجد خلْخَالهَا)
وَمن انشائه الباهر مَا كتبه على كتاب فى الطِّبّ اسْمه مغتى الشفا ياله من رَوْضَة شحاريرها أَقْلَام المادحين من التحارير وألحان سواجعها مَا سمع لَدَى التَّحْرِير من الصرير غصونها أورقت وَلَكِن بصحائف كانها مَمْلُوءَة باللطائف أطباق وأثمرت وَالْعجب ان منابت ثمارها بطُون الاوراق من وقف عَلَيْهَا وَتوقف فِيمَا قلته من الْوَصْف العارى عَن المراء فَلَا شكّ انه مبتلى بداء التّرْك وَلَيْسَ لَهُ دَوَاء وَلما أجلت نظرى فى ربوة حسنها وبهجتها ونشقت شذار رياحينها وشممت عرف نفحتها وعاينت مجَالِس أُنْسُهَا وقضيت مِنْهَا الْعجب وحرك منى سطور طروسها مَا يحدثه القانون من الطَّرب تَوَجَّهت بِمَجَامِع قلبى اليها وَقلت موثرا موجز القَوْل فى الثَّنَاء عَلَيْهَا هَذِه الابيات وفى قولى
(يَا رَوْضَة فى رباها ... دوح غَدا سجع طيره)
(مغنى الشِّفَاء ومغن ... عَن الشِّفَاء وَغَيره)
وَكَانَت وِلَادَته فى سنة تسع وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة وَتوفى فى ذى الْحجَّة سنة ثَلَاث وَخمسين وَألف وَدفن عِنْد وَالِده بمدرسته الْمَعْرُوفَة بِهِ وَقَالَ الْمولى مُحَمَّد عصمتى مؤرخا وَفَاته بقوله
(مفتى الورى يحيى بِهِ ... سما العلى وحية)
(لما مضى موليا ... عَن هَذِه الدنية)
(سَمِعت من جهزه ... بِأَحْسَن التَّحِيَّة)
(يَقُول تَارِيخا لَهُ ... فى جنَّة علية)
يحيى بن زَكَرِيَّا المعصرانى من أَوْلَاد نامر القدسى كَانَ فَقِيها نحويا يقرى بالخلوة النحوية بِطرف سطح الصَّخْرَة القبلى حكى بعض طلبته انه كَانَ يدرس فى الْجَامِع الصَّغِير فى آخر أمره بَين الْمغرب وَالْعشَاء فَكَانَ آخر عَهده أَنه وقف على حَدِيث من دَان نَفسه وَعمل لما بعد الْمَوْت اللَّهُمَّ لَا عَيْش الا عَيْش الْآخِرَة وَصلى الْعشَاء بقوله تَعَالَى كل شئ هَالك الا وَجهه وَكَانَ آخر عَهده من دُخُول الْمَسْجِد وَأوصى بِجَمِيعِ كتبه الى طلبته وَكَانَت وَفَاته فى سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَألف
يحيى بن عبد الْملك بن جمال الدّين بن صدر الدّين بن عِصَام الدّين الاسفراينى