ابْن مُحَمَّد بن نَاصِر الدّين الميداني الصُّوفِي الْمَعْرُوف بالموصلي يَنْتَهِي نسبه إِلَى الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى أبي بكر الشَّيْبَانِيّ كَانَ فَقِيها شَافِعِيّ الْمَذْهَب فرضياً حسن الْخلق جم الطول مبذول النعم وَله ثروة وافرة وأملاك وعقارات وَكَانَ مبجلاً بَين النَّاس مُعظما وَله حفدة ومريدون يرجعُونَ إِلَى نعْمَته الدارة وخيراته القارة وَهُوَ وَالِد مَوْلَانَا الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن الْموصِلِي الصُّوفِي الأديب الَّذِي بهر واشتهر وفَاق على أهل عصره بالأدب كروض أطل على نهر وَكَانَت وَفَاة إِبْرَاهِيم هَذَا فِي الْمحرم سنة أَربع وَخمسين وَألف بِالْمَدِينَةِ المنورة عقب مُنْصَرفه من الْحَج وَدفن ببقيع الْغَرْقَد وَبلغ من الْعُمر خمْسا وَسبعين سنة
الشَّيْخ إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد عماد الدّين بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عماد الدّين بن محب الدّين بن كَمَال الدّين بن نَاصِر الدّين بن عماد الدّين الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ الْعِمَادِيّ أحد بلغاء الشَّام الْمَذْكُورين وفضلائها الْمَشْهُورين وَكَانَ لمحاسن الْأَدَب وبدائع النثر ولطائف النّظم كالروح للحياة والينبوع للْمَاء وَيجْرِي مَعهَا إِلَى طبع سليم وَخلق دمث ومحاورة سارة وَكَانَ قوي البادرة كثير المحفوظات لذيذ الْعشْرَة مَقْبُول الْهَيْئَة عَظِيم الهيبة نَشأ فِي نعْمَة أَبِيه مشمولاً بعناية مكفولاً برأفته وَهُوَ أَصْغَر أَوْلَاده الثَّلَاثَة الَّذين رزقهم تيجاناً للمعالي وحسنات للأيام والليالي وهم عماد الدّين وشهاب الدّين وَإِبْرَاهِيم وَكَانَ إِبْرَاهِيم أحبهم إِلَيْهِ وأقربهم لخاطره على أَن كلا مِنْهُم نَسِيج وَحده وطلاع ثنايا مجده وَقد سُئِلَ وَالِدي المرحوم عَن التَّمْيِيز بَينهم فَقَالَ أكبرهم أحلمهم وأوسطهم أكتبهم وأصغرهم أفضلهم وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن تفوق إِبْرَاهِيم مستفيض مُسلم لَا مشاحة فِيهِ بِوَجْه من الْوُجُوه وَكَانَ فِي ابْتِدَاء أمره اشْتغل على وَالِده عَليّ الْحسن بن مُحَمَّد البوريني فِي أَنْوَاع الْعُلُوم وَعَلَيْهِمَا تخرج فِي الْأَدَب وَأخذ الحَدِيث عَن الشهب الثَّلَاثَة النيرة أَحْمد العيثاوي الشَّافِعِي وَأحمد الوفائي الْحَنْبَلِيّ وَأحمد الْمقري الْمَالِكِي وبرع حَتَّى أعَاد لوالده فِي تَفْسِير الْكَشَّاف ولازم من الْمولى عبد الله بن مَحْمُود العباسي ودرس بِالْمَدْرَسَةِ النورية الْكُبْرَى برتبة الدَّاخِل المتعارفة بَين أهالي الديار الشامية تبعا لبلاد الرّوم وَحج مرَّتَيْنِ ثانيتهما قَاضِيا بالركب الشَّامي وسافر إِلَى الرّوم عقيب موت وَالِده هُوَ وَأَخُوهُ الْأَوْسَط وَكَانَ لَهُ فِي صناعَة الشّعْر فضل لَا يرد وإحسان لَا يعد وَمن جيد شعره قَوْله
(إِن يكن زَاد فِي الحسان جمال ... أكد الْحسن فيهم تَأْكِيدًا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute