للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

قصبات الرّوم تدعى دبرى بِكَسْر الدَّال ثمَّ بَاء مُوَحدَة وَرَاء مَكْسُورَة بعْدهَا يَاء قَالَ فَدخلت إِلَى دير مُعظم بِالْقربِ مِنْهَا فَلم أر أحسن مِنْهُ وضعا وتزييناً وَرَأَيْت فِيهِ مَجْلِسا عَظِيم الشَّأْن قد رتب ترتيباً أنيقاً فَسَأَلت عَنهُ ثمَّة رَاهِبًا من الرهبان الطاعنين فِي السن فجذبني إِلَى مَكَان لَا يَرَانَا فِيهِ أحد ثمَّ قَالَ لي هَذِه صُورَة الْمجْلس الَّذِي رتب فِيهِ بحيرا الضِّيَافَة لنبيكم مُحَمَّد

لما ورد الشَّام للتِّجَارَة قَالَ فتأملته فَإِذا هُوَ على طبق مَا ذكره أهل السّير ثمَّ قلت للراهب أَتَرَى أَن نَبينَا لَو لم يكن عنْدكُمْ مَبْعُوثًا بِالْحَقِّ هَل كَانَ صناديدكم يتكلفون فِي تخليد مآثره هَذَا التَّكَلُّف وَهل كَانُوا يعتنون فِي إِقَامَة رسومه بَيْنكُم فَمَا هُوَ إِلَّا كَمَا نقُول قَالَ فَقَالَ لي أَنا نَحن مصدقون بنبوته موقنون بهَا وَرُبمَا أَنا لَو لم نخف من الجهلة لأقررنا بِالشَّهَادَتَيْنِ فِي الْمَلأ الْعَام فَهُوَ النَّبِي الصَّادِق الْوَعْد الْمَبْعُوث فِي آخر الزَّمَان غير أننا قَائِلُونَ ببعثته إِلَى الْعَرَب خَاصَّة وَالله أعلم وَله كتاب واقعتنامه بالتركية أَلفه على طرز مُخَاطبَة جرت من البديع الْهَمدَانِي لِابْنِ فَارس صَاحب الْمُجْمل سأذكرها إِذا ذكرت ملخص هَذِه وَحَاصِل تأليفه أَنه رتب رُؤْيا وأبرزها فِي هَذَا القالب وَذَلِكَ فِي عهد السُّلْطَان أَحْمد فِي حُدُود سنة سبع عشرَة وَألف وَكَانَ أَمر الدولة إِذْ ذَاك فِي غَايَة الاضمحلال قَالَ لما لاحظت الْحَوَادِث فِي عَالم الْكَوْن وَالْفساد كنت أَتَمَنَّى لَو كلمت السُّلْطَان فِي هَذَا الشَّأْن بِلَا وَاسِطَة حَتَّى طرقني النّوم فِي أثْنَاء هَذِه الفكرة فَرَأَيْت جمَاعَة كل مِنْهُم فِي ناصيته نور السَّعَادَة لامع وشعاع الإقبال فِي وَجهه سَاطِع فنزلوا فِي بُسْتَان وكل مِنْهُم اسْتَقر على كرْسِي وَبقيت أَنا مَعَ الخدم فناداني المتأمر مِنْهُم وأجلسني فَسَأَلت عَنهُ فَقيل لي إِنَّه الْإِسْكَنْدَر ذُو القرنين وَالَّذين حوله هم مُلُوك آل عُثْمَان الماضين ثمَّ أقبل موكب حافل وأسفر عَن السُّلْطَان أَحْمد فجَاء وَجلسَ على سَرِير مُقَابل للإسكندر وَأخذ هُوَ والإسكندر فِي المكالمة فَكَانَ تَارَة يتَكَلَّم وَذَاكَ ينصت وَتارَة ينصت وَذَاكَ يتَكَلَّم حَتَّى ابتدر الْإِسْكَنْدَر وَقَالَ إِن السُّلْطَان قلب الْعَالم فَإِذا لم يكن الْقلب معتدل الْأَحْوَال انحرف الْعَالم عَن حد الِاعْتِدَال وَالْعدْل والرشاد مَادَّة السداد والمرحمة والإنصاف سَبَب جمعية الرعايا والجور والاعتساف باعث تَفْرِيق البرايا فتأوه السُّلْطَان ثمَّ قَالَ أَيهَا السُّلْطَان الْأَعْظَم كلامك حق مَعْلُوم أما اعْتِدَال الْقلب فموجود وَأما الْجور فَغير مجحود وَذَلِكَ لِأَن السلطنة لم تسلم لنا إِلَّا بعد خراب الدُّنْيَا فَإِنَّهُ من عهد جدي المرحوم

<<  <  ج: ص:  >  >>