للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

والشمايل وَشرح الْأَرْبَعين وَجُمْلَة كتب فِي علم الْعَرَبيَّة وَقَرَأَ الْفَرَائِض والحساب على أَحْمد بن عَليّ باقشير وجد واجتهد فِي طلب الْعُلُوم لَا سِيمَا الْفِقْه حَتَّى فاق أقرانه وَلبس الْخِرْقَة من السَّيِّد الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى عبد الرَّحْمَن الإدريسي المغربي وَولي منصب الْإِفْتَاء بِمَكَّة وَلم يزل على طَريقَة حَسَنَة حَتَّى توفّي وَكَانَت وَفَاته يَوْم الِاثْنَيْنِ منتصف جُمَادَى الْآخِرَة سنة خمس وَثَمَانِينَ وَألف بِمَكَّة وَدفن بالمعلاة فِي سوح السيدة خَدِيجَة رَضِي الله عَنْهَا على يسَار الْخَارِج من الْقبَّة ثمَّ بعد سِنِين دفن عَلَيْهِ السَّيِّد إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد أَخُو الشريف بَرَكَات وَبنى عَلَيْهِ بِنَاء مُرْتَفع يشبه التابوت

الْمولى أويس القَاضِي الرُّومِي الْمَعْرُوف بويسي وَاحِد الزَّمَان فِي النّظم والنثر لم ير مثله فِي حسن التأدية وَالتَّصَرُّف فِي قوالب الشّعْر والإنشاء بِلِسَان التركي وَكَانَ فِي حَيَاته سُلْطَان الشُّعَرَاء بَاقِي الْآتِي ذكره يشار إِلَيْهِ بالبراعة التَّامَّة فَلَمَّا مَاتَ بَاقِي أذعنت لَهُ الشُّعَرَاء جَمِيعًا حَتَّى خاطبه أحدهم يَوْم موت بَاقِي بِبَيْت بالتركية تَرْجَمته هَكَذَا

(لَئِن مضى للنعيم بَاقِي ... فَكُن لنا الدَّهْر أَنْت بَاقِي)

وَكَانَ سريع البديهة إِذا أَخذ الْقَلَم بِيَدِهِ لَا يَدعه حَتَّى يَسْتَوْفِي غَرَضه وَأَخْبرنِي جمَاعَة عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول عَن نَفسه إِذا أخذت الْقَلَم بيَدي لأنشيء شَيْئا تزاحمت عليّ الْمعَانِي فَرُبمَا حررت فِي مقصد وَاحِد أَشْيَاء كَثِيرَة ثمَّ أَعُود فأنتخبها وأنتقيها وَقَرِيب من هَذَا مَا يُقَال أَن صديقا لكلثوم العتابي طلب مِنْهُ يَوْمًا أَن يصنع لَهُ رِسَالَة فاستمد مُدَّة ثمَّ علق الْقَلَم فَقَالَ لَهُ صَاحبه مَا أرى بلاغتك إِلَّا شاردة عَنْك فَقَالَ العتابي إِنِّي لما تناولت الْقَلَم تداعت عَليّ الْمعَانِي من كل جِهَة فَأَحْبَبْت أَن أترك كل معنى حَتَّى يرجع إِلَى مَوْضِعه وَهَذَا مثل قَول امرىء الْقَيْس يُقَال إِنَّه قَالَهَا وَهُوَ ابْن عشر سِنِين

(أذود القوافي عني ذيادا ... كذود غُلَام غويّ جوادا)

(فَلَمَّا كثرن وعنينه ... تخير مِنْهَا جواداً جوادا)

(فأعزل مرجانها جانباً ... وآخذ من درها المستجادا)

وَله تآليف حَسَنَة الْوَضع مِنْهَا سيرة النَّبِي

بالتركية أحسن فِيهَا كل الْإِحْسَان وَقد طالعتها كثيرا فَشَكَرت صَنِيعه فِيهَا وَأورد فِيهَا أَشْيَاء مُنَاسبَة للمقصود فَمن ذَلِك مَا ذكره فِي فصل سفر النَّبِي

إِلَى الشَّام واجتماعه ببحيرا الراهب قَالَ أَخْبرنِي الشَّاب الْفَاضِل عَليّ الْحلَبِي الأسكوبي وَأَنا قَاض بأسكوب وَقد طارحته فِي الوقائع النَّبَوِيَّة فَحكى لي أَنه فِي أثْنَاء سياحته مر على قَصَبَة من

<<  <  ج: ص:  >  >>