للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

(تَغَيَّرت الْبِلَاد وَمن عَلَيْهَا ... وَوجه الأَرْض مسود قَبِيح)

أم قبل ذَلِك وَالْمَلَائِكَة تَقول أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا مَا فسد النَّاس بل اطرد الْقيَاس وَلَا أظلمت الْأَيَّام بل امْتَدَّ الظلام وَهل يفْسد الشَّيْء إِلَّا عَن صَلَاح ويمسي الْمَرْء إِلَّا عَن صباح ولعمري إِن كَانَ كرم الْعَهْد كتابا يرد وجواباً يصدر أَنه لقريب الْمِثَال سهل المنال وإنني على توبيخه لي لفقير إِلَى لِقَائِه شفيق إِلَى بَقَائِهِ منتسب إِلَى ولائه شَاكر لآلائه إِلَى كَلَام آخر يتخضع لَهُ فِيهِ ويتملق وَالْغَرَض المسوق لَهُ الْكَلَام قد انْتهى بعون الله وَحسن توفيقه وَكَانَت وَفَاة أويس فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَألف رَحمَه الله تَعَالَى

الشَّيْخ أَيُّوب بن أَحْمد بن أَيُّوب الْأُسْتَاذ الْكَبِير الْحَنَفِيّ الخلوتي الصَّالِحِي أصل آبَائِهِ من الْبِقَاع العزيزي وَنسبه مُتَّصِل بسيدي عَليّ بن مُسَافر قدس الله سره ولد صَاحب التَّرْجَمَة وَنَشَأ بصالحية دمشق واشتغل فِي أَنْوَاع الْعُلُوم على جدي القَاضِي محب الدّين والمنلا نظام والمنلا أبي بكر السنديين وَعبد الْحق الْحِجَازِي وَأخذ الحَدِيث عَن الْمُحدث المعمر إِبْرَاهِيم بن الأحدب وَصَحب فِي طَرِيق الخلوتية الْعَارِف بِاللَّه أَحْمد العالي وَأخذ عَنهُ التصوف وَصَارَ شيخ وقته حَالا وَقَالا وفريد عصره اسْتِيلَاء على الكمالات واشتمالاً وكلماته فِي التَّحْقِيق مَشْهُورَة مدونة وَله تحريرات ورسائل لَا يُمكن حصرها وَلَا ضَبطهَا وأكبر مَا روى لَهُ من الْآثَار رسَالَته الَّتِي سَمَّاهَا ذخيرة الْفَتْح ودونها عقيلة التفريد وخميلة التَّوْحِيد وذخيرة الْأَنْوَار وسميرة الأفكار ورسالة الْيَقِين وذخيرة الْمَرَض وَمَا ينتجه من الْمعَانِي والرسالة الأسمائية فِي طَرِيق الخلوتية وذخيرة الْمَكْر الإلهي ورسالة التَّحْقِيق فِي سلالة الصّديق وَجمع جزأ لمشايخه فِي الحَدِيث وَاتفقَ كل من عاصره أَنه لم ير أحد مثله جمع بَين علمي الشَّرِيعَة والحقيقة وَبلغ الْغَايَة فِي كل فن من الْفُنُون وَأَخْبرنِي عَنهُ بعض الثِّقَات أَنه كَانَ يَقُول أعرف ثَمَانِينَ علما يعرف النَّاس بَعْضًا مِنْهَا بِالْحَقِيقَةِ وبعضاً بِالِاسْمِ وَالْبَعْض الآخر يجهلونه رَأْسا وَولي الْإِمَامَة بِجَامِع السُّلْطَان سليم بالصالحية وَكَانَ حسن الصَّوْت وَالْقِرَاءَة عَارِفًا بالموسيقى وَحج مرَّتَيْنِ وسافر إِلَى بَيت الْمُقَدّس سِتّ مَرَّات واستدعاه السُّلْطَان إِبْرَاهِيم للاجتماع بِهِ فِي سنة خمسين فَتوجه إِلَيْهِ وَاجْتمعَ بِهِ ودعا لَهُ وَعَاد وَكَانَ يَقُول قد أظلمت فِي وَجْهي الدُّنْيَا مُنْذُ خرجت من دمشق حَتَّى عدت إِلَيْهَا وَكَانَت أَحْوَاله غَرِيبَة جدا من التَّوَاضُع وَترك التَّكَلُّف وَحسن الْمُعَامَلَة إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>