فَإِذا الْأَمر كَمَا قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ من خِيَار الْقَوْم وَكَانَت وِلَادَته فِي سنة سبع وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة وَتُوفِّي سنة أَربع وَسِتِّينَ وَألف وَدفن فِي مشْهد عَمه مُحَمَّد العبدروس وقبره مَعْرُوف يزار ويتبرك بِهِ رَحمَه الله تَعَالَى
جَعْفَر أَبُو الْبَحْر بن مُحَمَّد بن حسن بن عَليّ بن نَاصِر بن عبد الإِمَام الشهير بالخطي البحراني الْعَبْدي أحد بني عبد الْقَيْس بن شقّ بن قصي بن دعمة بن جديلة بن أَسد بن ربيعَة بن نزار بن معد بن عدنان ذكره فِي السلافة فَقَالَ فِي وَصفه ناهج طرق البلاغة والفصاحة الزاخر الباحة الرحيب الساحة البديع الْأَثر والعيان الْحَكِيم الشّعْر السَّاحر الْبَيَان ثقف بالبراعة قداحه وأدار على المسامع كؤسه وأقداحه فَأتى بِكُل مُبْتَدع مطرب ومخترع فِي جنسه مغرب وَمَعَ قرب عَهده قد بلغ ديوَان شعره من الشُّهْرَة الدى وَسَار بِهِ من لَا يسير مشمرا أَو غنى بِهِ من لَا يُغني مغردا وَكَانَ قد دخل الديار العجمية فقطن مِنْهَا بِفَارِس وَلم يزل وَهُوَ لرياض الْأَدَب جَان وغارس حَتَّى اختطفته أَيدي الْمنون فعرس بِفنَاء الفناء وخلد عرائس الْفُنُون وَلما دخل أَصْبَهَان اجْتمع بالشيخ بهاء الدّين مُحَمَّد العاملي وَعرض عَلَيْهِ أدبه فاقترح عَلَيْهِ مُعَارضَة قصيدته الَّتِي أَولهَا قَوْله
(سرى الْبَرْق من جد فهيج تذكاري ... عهودا بجدوى والعذيب وَذي قار)
فعارضه بقصيدة مطْلعهَا
(هِيَ الدَّار تستسقيك مد مَعَك الْجَارِي ... فسقيا وَخير الدمع مَا كَانَ للدَّار)
(وَلَا تستضع دمعا تريق مصونه ... لعزته مَا بَين نور أَحْجَار)
(فَأَنت امْرُؤ بالْأَمْس قد كنت جارها ... وللجار حق قد علمت على الْجَار)
(عشوت على اللَّذَّات فِيهَا على سنا ... سناء شموس مَا يغبن وأبكار)
(فَأَصْبَحت قد أنفقت أطيب مَا مضى ... من الْعُمر فِيهَا بَين عون وأقمار)
(نواصع بيض لَو أفضن على الدجى ... سناهن لاستغنى عَن الْكَوْكَب الساري)
(خرائد يبصرن الْأُصُول بأوجه ... تغص بأمواه النضارة أَحْرَار)
(معاطير لم تغمس يَد فِي لطيمة ... لَهُنَّ وَلَا استعبقن جونة عطار)
(أبحنك مَمْنُوع الْوِصَال نواز لَا ... على حكم ناه كَيفَ شَاءَ وأمار)
(أذابت تستقي الثغور مدامة ... أتتك فحيتك الخدود بأزهار)
(أموسم لذاتي وسوق مآربي ... ومجني لباناتي ومنهب أوطاري)