للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صفّين بلَاء حسنا فروى أَنهم فِي بعض أَيَّامهَا حِين استجر الْقَتْل وَرَأَوا فرار النَّاس عَمدُوا إِلَى غمود سيوفهم فكسروها وعقلوا أنفسهم بعمائمهم وجثوا اللركب وبركوا للْقَتْل فَقَالَ فيهم أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ كرم الله وَجهه وَرَضي عَنهُ

(لهمدان أَخْلَاق وَدين يزينها ... وبأس إِذْ لاقوا وَحسن كَلَام)

(فَلَو كنت بوابا على بَاب جنَّة ... لَقلت لهمدان ادخُلُوا بِسَلام)

وَقَالَ فيهم يَوْم الْجمل لَو تمت عدتهمْ ألفا لعبد الله حق عِبَادَته وَكَانَ إِذا رَآهُمْ تمثل بقول الشَّاعِر

(ناديت هَمدَان والأبواب مغلقة ... وَمثل هَمدَان سني فَتْحة الْبَاب)

(كالهندواني لم تقلل مضار بِهِ ... وَجه جميل وقلب غير وجاب)

ذكره ابْن عبد ربه فِي العقد وهمدان بِسُكُون الْمِيم وَبعدهَا ذال مُهْملَة وَأما همذان بِفَتْح الْمِيم والذل الْمُعْجَمَة فبلد من بِلَاد الْعَجم وَهِي أول عراق الْعَجم وإليها ينْسب بديع الْجمال الهمذاني صَاحب المقامات الَّذِي اقتفى الحريري أَثَره فِيهَا وَتَمام القصيدة مَوْجُود فِي ديوَان صَاحب التَّرْجَمَة وَقد قرظ لَهُ عَلَيْهَا الشَّيْخ بهاء الدّين تقريظا حسنا ذكره فِي السلافة وَذكر لَهُ بعض أشعار أوردت مِنْهَا قِطْعَة فِي النفخة الَّتِي ذيلت بهَا على الريحانة ومطلعها

(عاطنيها قبل ابتسام الصَّباح)

وَكَانَت وَفَاته سنة ثَمَان وَعشْرين وَألف رَحمَه الله تَعَالَى

جَعْفَر باشا الْوَزير الخطير صَاحب الْيمن ذكره الإِمَام الطَّبَرِيّ فِي تَارِيخه وَقَالَ سَمِعت من لفظ وَالِدي قَالَ تباحثت أَنا وإياه فِي خَمْسَة عُلُوم التَّفْسِير والْحَدِيث والمعاني وَالْبَيَان والقراآت فَوَجَدته فِي كل مِنْهَا كَامِلا وَذكر مُحَمَّد بن كاني الرُّومِي فِي تَارِيخه أَنه كَانَ حَاكم بِلَاد الْحَبَشَة فأنعم عَلَيْهِ السُّلْطَان بِبِلَاد الْيمن فوصل إِلَى بندر الصليف من حُدُود الْيمن فِي تَاسِع عشر شهر ربيع الآخر سنة سِتّ عشرَة وَألف وَدخل مَدِينَة صنعاء فِي رَابِع عشرى شَوَّال من السّنة الْمَذْكُورَة وَكَانَ جَامعا بَين محَاسِن الْخِصَال ومراتب الْكَمَال وَكَانَ عَالما عَاملا وَفِيه من الدّيانَة والتهجد مَا هُوَ كثير على امثاله وَكَانَ خليقا بِكُل وصف حسن إِلَّا أَنه كَانَ يحب الْفَخر وَفِيه من التبه شَيْء لطيف وَمن نظر إِلَيْهِ فِي بعض مجَالِس أنسه وَكَثْرَة انبساطه ظن أَنه يَعْتَرِيه الجذب وَلَو أَمن من سفك الدِّمَاء فِي آخر مَجِيئه إِلَى الْيمن لَكَانَ مِمَّن ملك الْقُلُوب وَهُوَ مَعْذُور فِي هَذَا الْأَمر فَإِنَّهُ لما دخل صنعاء تصفح أَحْوَال الْبِلَاد فَرَأى أَن تقوى الإِمَام الْقَاسِم بمساعدة عبد الرَّحِيم بن المطهر وَذَلِكَ بِسَبَب عزم سِنَان باشا

<<  <  ج: ص:  >  >>