بعض معاصريه وألحقها بِبَعْض وقائع قَالَ ذكر لنا وَلَده عبد الْغفار وَلما قدم إِلَى دمشق بعد وَفَاته أَنه يشْتَمل على ألف مجْلِس وَتُوفِّي فِي لَيْلَة الْأَحَد ثَانِي عشر جُمَادَى الأولى سنة إِحْدَى وَألف وَكَانَ سنة ثَلَاثًا وَسِتِّينَ وَسنة وَخلف ثَلَاثَة أَوْلَاد ذُكُور وبنتين رحم الله الْجَمِيع برحمته وَالله أعلم
جمال الدّين بن مجب الدّين الْمَعْرُوف بالجنيد الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي وشهرة أَهله ببني الكوكية وَيَنْتَهِي نسبهم إِلَى مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان رَضِي الله عَنهُ وَكَانُوا بِدِمَشْق من انتحار المياسير وَلَهُم مآثر وخيرات وَلَهُم أقَارِب بِمَكَّة وهم أَيْضا أَصْحَاب إدرارات وشهرة وجمال الدّين هَذَا خرج من بَينهم كَامِل الأدوات حسن الْآدَاب لطيف المطارحة حُلْو الحَدِيث صَاحب نكات ونوادر وَرِوَايَة وَاسِعَة فِي الْأَخْبَار والأشعار وَالْأَحَادِيث وَعمر كثيرا وَلَقي أساطين الْعلمَاء وَجَالسهمْ والنقط من فوائدهم وروى عَنْهُم ولازم الذّكر والأوراد من ابْتِدَاء عمره واشتغل بِالْعبَادَة وَلذَلِك لقب بالجنيد وَفِيه يَقُول الأديب الباهر مُحَمَّد بن يُوسُف الكريمي
(أَنْت يَا شيخ الطَّرِيقَة ... فِيك وَالله حقيقه)
(لم يفتها من مزايا ... جامعي الْفضل دقيقة)
(أَنْت وَالله جُنَيْد الْوَقْت ... فِي كل حقيقه)
(أَنْت من يرشد أَرْبَاب النهى ... خير طَرِيقه)
(لَك أَخْلَاق بتقريض ... المجيدين خليقه)
(لَو غَدا للفضل شخص ... فِي الورى كنت شقيقه)
(إِنَّمَا أَنْت بأخلاقك ... روض أَو حديقة)
(فلعمري أَنْت بدر ... فازمن كنت رَفِيقه)
وَكَانَ يَحْكِي عَن نَفسه إِنَّه لم يتَّفق لَهُ مُدَّة عمره صَلَاة من قعُود وَكَانَ مواظبا على السّنَن والرواتب وَله صدقَات سَرِيَّة وَكتب الْكثير من الْكتب بِخَطِّهِ وَكَانَ خطه حسنا وَضَبطه بَينا وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ كَانَ من مُفْرَدَات وقته وحسنات عصره وَذكره وَالِدي رَحمَه الله تَعَالَى فِي تَارِيخه وترجمته هُوَ شويخ نسر لُقْمَان عِنْده فريخ عمر إِلَى أَن فَاتَ حد الماية وَلَقي الْقرن بعد الْقرن والغاية بعد الْغَايَة وعاشر الوزراء ونادم الكبراء وَتردد إِلَى الْأَعْيَان وهام فِي الغيد الحسان حَتَّى صَار شيخ الغرام ونقيب الوجد والهيام فَهُوَ صَغِير كَبِير وكبير صَغِير إِذا خالط الْكِبَار يكبر