للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على طَرِيق المجون وَكَانَ أدباء دمشق كالمولى أَحْمد بن زين الدّين المنطقي وَابْن شاهين والأمير المنجكي ينظمون الْأَشْعَار الهزلية على لِسَانه وينسبونها إِلَيْهِ من نَوَادِر الْجُنَيْد أَنه لما وَصله خير الأبيات من الكريمي اجْتمع بِهِ واستنشده أياها فَلَمَّا أتم قرَاءَتهَا نظر إِلَيْهِ ينظر المستهزئ بِهِ وَلم يزده على أَن قَالَ لَهُ أَيْن الْأُم المشفقة الَّتِي تبْكي عَلَيْك وَهَذِه كِتَابَة عَن سوء حَاله فَإِن الكريمي ورث من أَبِيه مَالا كثيرا فأتلفه فِي مُدَّة جزئية وساء حَاله بعد ذَلِك وَحكى عَن الكريمي أَنه قابلني بِكَلِمَة لَو صرفت عمري فِي هجوه مَا وفيت بهَا وللجنيد نكات مَقْبُولَة ومقولات رائقة فَمن ذَلِك قَوْله لَا تسمع غناء الْأَمْن فَم تشْتَهي أَن تقبله وَمن لطائفه تَسْمِيَة فرع الْأَمْرَد بعريشة الْحسن وَقد نظمها الْأَخ الْفَاضِل إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد السّفر جلاني أبقاه الله تَعَالَى فِي مَقْطُوع فأجاد حَيْثُ قَالَ

(قَالَ صف فرعي الَّذِي قد تدلى ... فَوق خدي إِن كنت من واصفيه)

(قلت مَاذَا أَقُول فِي وصف روض ... قد تدلت عريشة الْحسن فِيهِ)

وَمن غرائب وقائعه الَّتِي تسند إِلَى حسن عشرته وتحمله وَتَقْدِيم النشاط على غَيره أَنه مَاتَ لَهُ ولدان وَجِيء إِلَيْهِ بخبرهما وَهُوَ مَعَ جمَاعَة فِي بُسْتَان بالصالحية يلْعَب بالشطرنج فَلم يشْعر أحدا وَقَامَ وَأعْطى الْمخبر دَرَاهِم وفوض إِلَيْهِ أَمر يجهيزهما وَعَاد إِلَى مَا كَانَ يه وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ كَانَ من نَوَادِر الزَّمن وَكَانَت وَفَاته نَهَار الْأَرْبَعَاء ثامن عشرى ربيع الأول سنة ثَمَان وَسبعين وَألف وَدفن بمقبرة الفراديس رَحمَه الله تَعَالَى وَقد أرخ بَعضهم وَفَاته بقوله

(مَا الدَّهْر دهر جَدِيد ... كَذَا تكون العبيد)

(وَمَا سوى الله فَإِن ... وَأَيْنَ من لَا يبيد)

(وَعمر هَذَا قصبر ... وَعمر هَذَا مديد)

(وللفريقين يَوْم ... لَا بُد يَأْتِي شَدِيد)

(أما سَمِعت المنايا ... تَقول مَاذَا يُفِيد)

(طير الفنا أَن تؤرخ ... صَحَّ مَاتَ مَاتَ الْجُنَيْد)

السَّيِّد جمال الدّين بن نور الدّين بن أبي الْحسن الْحُسَيْنِي الدِّمَشْقِي الأديب الشَّاعِر الذيق كَانَ ألطف أَبنَاء وقته دماثه خلق وَخلق حسن معاشر لطيف الصُّحْبَة سهي النُّكْتَة والنادرة قَرَأَ بِدِمَشْق وَحصل وَحضر مجَالِس الْعَلامَة السَّيِّد

<<  <  ج: ص:  >  >>