للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهُوَ مَحَله أَخْبرنِي بعض مر يَدَيْهِ أَنه ولد بقسطنطينية وَنَشَأ لَا يَأْكُل إِلَّا من كسب يَمِينه وَكَانَ يصنع الصابون المطيب ويبيعه ويتقوت بِثمنِهِ وَلم يتَّفق لَهُ أَنه تغوط خَارج دَاره وَلم ينم مُدَّة عمره إِلَّا هنيئة بَين صَلَاتي الْإِشْرَاق والضخى ويحكى أَن والدته كَانَت تَقول لم أرضعه إِلَّا على طَهَارَة كَامِلَة وَظَهَرت لَهُ خوارق ومكاشفات مِنْهَا أَن شخصا يعرف بشيخ زَاده وَكَانَ حسن الصَّوْت جدا عَارِفًا بالموسيقى والأغاني والضروب وَالنَّاس يتهافتون على سَماع صَوته وأغانيه فَأَرَادَ أَخذ الطَّرِيق عَن الشَّيْخ صَاحب التَّرْجَمَة فَشرط عَلَيْهِ أَن يَدْعُو الله بِأَن ينْزع مِنْهُ حسن الصَّوْت حَتَّى لَا يسْتَعْمل الْغناء فاستمر خمس عشرَة سنة بعد ذَلِك الدُّعَاء لَا يخرج لَهُ صَوت ثمَّ بعد أَن بلغ رشده دَعَا الله لَهُ فَانْطَلق صَوته وَحكى لَهُ مريده الْمَذْكُور وَلَا أَشك فِي صدقه أَنه فِي ابْتِدَاء تلمذته لَهُ كَانَ تولع بِغُلَام وَأَرَادَ أَن يعْمل بِهِ الْفَاحِشَة فَلَمَّا أَرَادَ الْمُبَاشرَة رَأْي الشَّيْخ وَاقِفًا أَمَامه وَهُوَ يوبخه ويلومه فأقلع وَلم يعد بعْدهَا إِلَى شَيْء من ذَلِك وَكَانَ لَهُ حَلقَة ذكر بتكيته بمحلة كور كجي باشي بِالْقربِ من طوب قبوسي وَكَانَ قَلِيل الِاخْتِلَاط بِالنَّاسِ وَلما توفّي الشَّيْخ مَحْمُود الْمَعْرُوف بغفوري خَليفَة الشَّيْخ مَحْمُود الأسكدراي وَكَانَ واعظا بِجَامِع السُّلْطَان مُحَمَّد فَوجه إِلَيْهِ الْوَعْظ مَكَانَهُ واشتهر أمره بعد ذَلِك وانكبت عَلَيْهِ النَّاس ثمَّ استدعاه السُّلْطَان مُحَمَّد سُلْطَان زَمَاننَا إِلَى أدرنة ليجتمع بِهِ فَتوجه إِلَيْهِ فَلَمَّا وَقع بَصَره عَلَيْهِ طلب السُّلْطَان الرُّجُوع إِلَى قسطنطينية وَكَانَ النَّاس قد أيسوا من ذكره إِيَّاهَا فضلا عَن التَّوَجُّه إِلَيْهَا فعدد ذَلِك من كرامات الشَّيْخ صَاحب التَّرْجَمَة وشاع أَنه لما خرج من قسطنطينية تفوه بِأَنَّهُ يجلب السُّلْطَان إِلَيْهَا وَأَخْبرنِي بعض الإخوان أَنه لما توجه السُّلْطَان إِلَى أدرنة فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَألف كَانَ ذَلِك بوفق صدر من رجل يُقَال لَهُ صاجلوشج مُحَمَّد وَأَن أهل أدرنة كَانُوا شكوا إِلَيْهِ حَالهم وَمَا هم فِيهِ من ضنك الْمَعيشَة وصنع لَهُم وفقا لمجيء السُّلْطَان ثمَّ قَالَ حكم هَذَا الوفق يَمْتَد إِلَى ثَمَان عشرَة سنة ثمَّ يَأْتِي رجل اسْمه حسن فَيكون سَببا لأبطاله وَأقَام بأدرنة ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ اسْتَأْذن فِي الرُّجُوع وَخرج وَلما دَخَلتهَا فِي ذَلِك الْأَثْنَاء رَأَيْته وَهُوَ يعظ النَّاس فِي جَامع السُّلْطَان مُحَمَّد وَكَانَ حُلْو الْعبارَة متواضعا جدا أشاخص الْبَصَر إِلَى فَوق حَتَّى لَا يرى أحدا وَكَانَ هَذَا دأبه بِالْجُمْلَةِ فقد كَانَ بَقِيَّة السّلف وَكَانَت وَفَاته فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَألف عَن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة وَصلى عَلَيْهِ بِجَامِع السُّلْطَان مُحَمَّد وَكَانَت جنَازَته حافلة جدا قل أَن يَقع مثلهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>