للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَامِل الْعقل حسن التَّدْبِير صافي المزاح وَكَانَ يعْتَمد الْعلمَاء والصلحاء ويتردد إِلَيْهِ جمَاعَة مِنْهُم فيكرمهم ويعظمهم وتقلبت بهَا الدُّنْيَا بَين نعيم وبؤس حَتَّى اسْتَقر فِي مركزه وَبلغ من الْعِزّ والجاه مبلغا لَيْسَ وَرَاءه غَايَة واحتوى على أَمْلَاك وعقارات كَثِيرَة وَعمر الخان الْمَعْرُوف بسوق جقمق وَوَقفه مَعَ جملَة من عقاراته على ذُريَّته وَكَانَ فِي مبدأ أمره من آحَاد جند الشَّام ثمَّ ترقى حَتَّى صَار كتخد أهم وَضرب وَاحِدًا مِنْهُم حَتَّى هلك فَقَامُوا عَلَيْهِ وَأَجْمعُوا على قَتله فخلص مِنْهُم وصولحوا بعزله فَاخْتَارَ فريقة التيمار حَتَّى صَار جاويش السُّلْطَان وسافر إِلَى قسطنطينية مرَارًا وَكَانَ إِذا سَافر إِلَيْهَا استنهضه النَّاس فِي قَضَاء مهامهم فيقضيها على أحسن وَجه ويسامح غالبهم بِمَا يذهب عَلَيْهَا من الخرج وَيَأْتِي كل نوبَة بحسنة إِلَى بعض الْمُسْتَحقّين من الْعلمَاء والصلحاء إِمَّا وَظِيفَة وَإِمَّا صَدَقَة وَكَانَ يحنو على الْأَيْتَام وحضن كثيرا مِنْهُم مِمَّن لَا ولي لَهُ ونمى أَمْوَالهم وَكَانَ منتميا إِلَى الْوَزير الْأَعْظَم سياغوش باشا فَدفع إِلَيْهِ مَالا وَأمره أَن يَبْنِي لَهُ مَسْجِدا بِدِمَشْق ويرتب فِيهِ من يقوم بشعائره فَبنى الْمَسْجِد الْمَعْرُوف بالسياغوشية بِالْقربِ من دَاره بحارة القصاعين دَاخل بَاب الْجَابِيَة وَأحسن بناءها وَكَذَلِكَ فعل مَعَه الْوَزير الْأَعْظَم مُرَاد باشا فعمر لَهُ سوق المرادية بِبَاب الْبَرِيد والخان وسوق الذِّرَاع وَجعله وَقفا على الْحَرَمَيْنِ وَولى وقف البيمارستان النوري فَأَقَامَ شعائره بعد أَن كَانَت اضمحلت وَعمر أوقافه وأتى فِيهِ من حسن التنمية بِمَا لَا مزِيد عَلَيْهِ فاستدعاه الْمولى مصطفى الْمَعْرُوف بكوجك قَاضِي الْقُضَاة بِدِمَشْق لولاية البيمارستان القيمرى فَأبى حَتَّى أبرم عَلَيْهِ هُوَ وَرَئِيس الْأَطِبَّاء بِدِمَشْق الشَّيْخ شرف الدّين لاضمحلال حَاله ثمَّ قبله على شريطة أَن لَا يتَنَاوَل فِيهِ رَئِيس الْأَطِبَّاء بعض أَشْيَاء عينهَا وَلَا يخالطه من أُمُوره بسوي قبض الْقدر الْفُلَانِيّ من علوفته فَأَنَّهُ بِسَبَب تجاوزه وَتجَاوز أَمْثَاله خرب الْوَقْف فَقبل القَاضِي والرئيس شَرطه وعمره ونمى وَقفه وَولى تَوْلِيَة الْجَامِع الْأمَوِي بعد أَن كَانَ وَقفه يذهب فبذل جهده فِي ضَبطه وتنميته وَقد تقدم طرف من خبر تَوليته فِي تَرْجَمَة إِسْمَاعِيل بن عبد الْوَهَّاب العجمي فَارْجِع إِلَيْهِ هُنَاكَ وَعمر حمام البزورية وقف دَار الحَدِيث النورية بِأَمْر الْوَزير أَحْمد باشا الْحَافِظ وَصرف من مَاله مبلغا واستوفاه من أجوره ثمَّ سلمه لمتوليه بعد الِاسْتِيفَاء وترقى فِي المناصب بعد ذَلِك حَتَّى تقاعد عَن حُكُومَة قرمان وَكَانَ أَكثر قُضَاة الشَّام إِذا ولوا دمشق فَوضُوا إِلَيْهِ أُمُورهم حَتَّى يحضروا وَولي

<<  <  ج: ص:  >  >>