للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَانَ قد دخل الديار الْهِنْدِيَّة فِي عنفوان شبابه فصدره الشّرف فِي مجْلِس أَهله وأربابه وَمَا زَالَ يورق فِي رياض الإقبال عوده حَتَّى أسفرت فِي سَمَاء الأسعاد سعوده فأملكه أحد ملوكه ابْنَته وَرفع فِي مَرَاتِب العلياء مرتبته فاجتلى عرائس آماله فِي منصات تيلها واستطلع أقمار سعده فِي نواشي لَيْلهَا واقتعد الرُّتْبَة القعا وَأصْبح وَهُوَ رَئِيس الرؤسا وَكَانَ من أحسن مَا قدر من عزمه وَدبره وحرره فِي صفحات غرسه وحبره إرْسَاله فِي كل عَام إِلَى بَلْدَة جملَة وافرة من طريف مَاله وتلده فاصفيت لَهُ بِهِ الحدائق الزاهية وشيدت لَهُ الْقُصُور الْعَالِيَة وَلما هلك الْملك أَبُو زوجه وَهوى قرحياته من أوجه انْقَلب بأَهْله إِلَى وَطنه مَسْرُورا وتقلت فِي تِلْكَ الحدائق والقصور بهجة وسرورا أَلا أَن الرياسة الَّتِي انتشى فِي تِلْكَ الرياض بكؤسها والمكانة الَّتِي تميز بعلوها بَين رئيسها ومرؤسها لم يجد عَنْهُمَا فِي وَطنه خلفا وَلم ترض أنفته أَن يرى فِي وَجه جلالته كلفا فأنثنى عاطفا عنانه وثانيه وَدخل الديار الْهِنْدِيَّة مرّة ثَانِيَة فَعَاد إِلَى أبهة عَظمته الفاخرة وَبهَا انْتقل من دَار الدُّنْيَا إِلَى دَار الْآخِرَة وَله شعر بديع فائق كَأَنَّمَا اقتطفه من أزهار تِلْكَ الحدائق فَمِنْهُ قَوْله حِين أنف من مقَامه فِي وَطنه بَين أَهله وأقوامه بِعَدَد عوده من الديار الْهِنْدِيَّة والإنتقال من ظلال عزه الندية

(وَلَيْسَ غَرِيبا من نأى عَن دياره ... إِذا كَانَ ذَا مَال وينسب للفضل)

د

(وَأَنِّي غَرِيب بَين سكان طيبَة ... وَإِن كنت ذَا مَال وَعلم وَفِي أَهلِي)

وَهُوَ من قَول البستي رَحمَه الله

(وَإِنِّي غَرِيب بَين بست وَأَهْلهَا ... وَإِن كَانَ فِيهَا جيرتي وَبهَا أَهلِي)

(وَلَيْسَ ذهَاب الرّوح يَوْمًا منية ... وَلَكِن ذهَاب الرّوح فِي عدم الشكل)

(وَمَا غربَة الْإِنْسَان فِي شقة النَّوَى ... وَلكنهَا وَالله فِي عدم الشكل)

وَمن شعره أَيْضا قَوْله

(لَا بدّ للْإنْسَان من صَاحب ... يُبْدِي لَهُ الْمكنون من سربّه)

(فاصحب كريم الأَصْل ذاعفة ... تأمن وَإِن عاداك من شرّه)

وَله غَيْرك ذَلِك وَكَانَت وَفَاته فِي شَوَّال سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَألف رَحْمَة الله تَعَالَى

حسن باشا بن عبد الله الْأمين الْكَبِير الْمَعْرُوف بشورة حسن أحد صُدُور دمشق وأعيانها الَّذِي كَانَ يرجع إِلَيْهِم فِي الْمُهِمَّات ويعول عَلَيْهِم فِي الْأُمُور وَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>