للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَصْرَانِيّ وَفِي رجلَيْهِ الْقُيُود وَفِي عُنُقه الغل وَدخل بِهِ على هَذِه الْهَيْئَة وَالنَّاس ترمقه وَأما القَاضِي الرجيحي فَإِنَّهُ هرب إِلَى مصر وَأقَام بهَا مستخفياً وَوضع الَّذين قبض عَلَيْهِم من هَؤُلَاءِ فِي الزناجير والقيود وَأَخذهم مكبلين بالحديد إِلَى ديار الرّوم غير أَنه لم يدْخل بهم دَار السلطنة خشيَة من مفتيها لِئَلَّا يسْعَى فِي خلاصهم ثمَّ قفل بهم جَمِيعًا إِلَى دمشق والزناجير فِي رقابهم على مَلأ الأشهاد وَشرع يَأْخُذ جَمِيع مَا يملكونه من الأقمشة وَالْأَمْوَال وَالْعَقار والغلمان حَتَّى سلبهم الْجَمِيع وعاقبهم معاقبة بَالِغَة وَقبض فِي أثْنَاء مَا فعل على غَالب أَعْيَان دمشق وشيوخها مِنْهُم شيخ الْإِسْلَام إِسْمَاعِيل النابلسي وَالشَّيْخ مُحَمَّد الْحِجَازِي وَمن رُؤَسَاء الصُّوفِيَّة الشَّيْخ أَبُو الوفا العقيبي الْعمريّ واغتصب من تجارها الْمَشَاهِير وَبَعض أَهلهَا الضُّعَفَاء مَالا جزيلاً أناف على مِائَتي ألف دِينَار وَمن التحف والأقمشة مَا لَا يُحْصى ثمَّ قبض على نائبي الحكم الْعَزِيز بالمحكمة الْكُبْرَى القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن جَانِبك الشَّافِعِي وَالْقَاضِي عبد الله ابْن الرَّمْلِيّ الْمَالِكِي وَضم مَعَهُمَا القَاضِي نجم الدّين بن أبي الْفضل الشَّافِعِي وَابْن عُمَيْر الصَّالِحِي وأصر على التَّعَدِّي وأضرار النَّاس مُدَّة تِسْعَة أشهر وطفق يتعاطى الْمُنْكَرَات وتوارى مِنْهُ عُلَمَاء دمشق وأعيانها خيفة مِنْهُ فَكتب جدي القَاضِي محب الدّين رسالتين وقصيدتين وَأرْسل كلا مِنْهُمَا وَاحِدَة إِلَى الْمُفْتى الْأَعْظَم الْمولى مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الياس بن جوى وَالْأُخْرَى إِلَى الْمولى سعد الدّين معلم السُّلْطَان مُرَاد بِمَا فعل البواب مفصلا فعرضت الرسالتان على السُّلْطَان مُرَاد بِوَاسِطَة الْوَزير الْأَعْظَم سياغوش باشا فَخرج الحكم بقتْله بعد الاثبات عَلَيْهِ وَورد الحكم إِلَى دمشق ونائبها صَاحب التَّرْجَمَة وقاضي الْقُضَاة بهَا الْمولى على بن الْمولى سِنَان فَجمع الْوَزير أَعْيَان الشَّام بأسرهم وَكَانَ قَاضِي الْقُضَاة بِالْمَجْلِسِ وأخرجوا من كَانَ فِي حبس البواب على صورتهم بالقيود والأغلال فِي أَعْنَاقهم وَلما أحضر البواب إِلَى الدِّيوَان الْمَزْبُور أَمر الْوَزير بِنَزْع كسْوَة السُّلْطَان عَنهُ وألبس قلنسوة نَصْرَانِيّ وأوقف فِي حَاشِيَة الدِّيوَان وَادّعى عَلَيْهِ بعض المحبوسين من الْقُضَاة وأرباب المناصب وَقَامَت عَلَيْهِ الْبَيِّنَة بتحقير الْعلمَاء وازدرائهم فَحكم عَلَيْهِ القَاضِي بِالْقَتْلِ لثُبُوت الرِّدَّة عَلَيْهِ وَكَانَ ذَلِك فِي بعض أَيَّام التَّشْرِيق والأرجوحة مركبة على بَاب دَار الْإِمَارَة على قَاعِدَة الأروام فِي تركيبها أَيَّام الْعِيد فأنزلوه فَلَمَّا تحقق أَنه مقتول لَا محَالة طلب المهلة إِلَى أَن يغْتَسل كَأَنَّهُ كَانَ جنبا فأمهلوه حَتَّى اغْتسل فِي مَسْجِد

<<  <  ج: ص:  >  >>