للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عِيسَى باشا الَّذِي على بَاب دَار الْإِمَارَة وَصلى رَكْعَتَيْنِ وصلبوه فِي خشب الأرجوحة وَكثر سرُور النَّاس بقتْله ولشعراء ذَلِك الْعَصْر فِي هَذِه الْحَادِثَة قصائد وتواريخ لَو ذكرتها مستوفاة لبلغت إِلَى مجلدة وَلما عزل صَاحب التَّرْجَمَة عَن الشَّام فِي هَذِه الْمرة سَافر إِلَى دَار السلطنة وتقلبت بِهِ الْأَحْوَال إِلَى أَن صَار حَاكما فِي بِلَاد الرّوم وَاسْتمرّ هُنَاكَ ونسبوا إِلَيْهِ فِي حكومته أمورا لَا أصل لَهَا فورد حكم سلطاني بقتْله فَلم يُسلمهُ الْعَسْكَر للْقَتْل ثمَّ حضر بعد ذَلِك إِلَى طرف السلطنة وَبحث عَن أصل الحكم الَّذِي ورد بقتْله فَلم يجد لَهُ أصلا وَإِنَّمَا هُوَ مَنْسُوب إِلَى صنع بعض النِّسَاء وَلم يزل يطْلب التفلت من قسطنطينية حَتَّى أعطي ولَايَة بَغْدَاد وَمَا يَليهَا من بِلَاد عراق الْعَرَب فَذهب إِلَيْهَا بعسكر جرار ودخلها بعنوان عَجِيب وأطهر فِيهَا من الْحجاب مَالا يعْهَد لمثله وَلم يزل بهَا حَاكما حَتَّى حدثته نَفسه بِحَفر نهر أَخذه من دجلة فأجراه يسْقِي أَمَاكِن كَثِيرَة قيل أَن محصولها يزِيد فِي السّنة على عشْرين ألف دِينَار ذَهَبا وَحدث بَينه وَبَين الْعَسْكَر الْعِرَاقِيّ أُمُور أدَّت إِلَى أَن عرضهمْ على الحضرة السُّلْطَانِيَّة فأمروه بِالْخرُوجِ من بَغْدَاد فَخرج مِنْهُ خَائفًا من شقّ الْعَصَا وَأقَام بالموصل أَيَّامًا ثمَّ نازلهم منازلة الْمُحَارب إِلَى أَن جَاءَهُ الْأَمر بالانفصال بعد أَن نهبت جماعته فَتوجه إِلَى ديار بكر فَبَيْنَمَا هُوَ فِيهَا وَإِذا بِالْأَمر السلطاني جَاءَهُ أَن يصير أصفهلارا على العساكر وَيذْهب لقِتَال عبد الْحَلِيم اليازجي الْبَاغِي الناجم فِي نواحي سيواس هُوَ والطائفة السكيانية فتوقف فِي نواحي ديار بكر إِلَى أَن اجْتمع عَلَيْهِ العساكر من كل نَاحيَة وَلما تحقق قدومهم إِلَى نواحي الْفُرَات تقدم هُوَ أَيْضا وَاجْتمعَ بهم فِي مَدِينَة عينتاب وَهُنَاكَ عرض العساكر كلهَا واستدعى الشاميين وَكَانَ أَمِيرهمْ إِذْ ذَاك السَّيِّد مُحَمَّد الْأَصْفَهَانِي ورجفوا إِلَى جَانب الْخَارِجِي فورد الْخَبَر بِأَن حاجي إِبْرَاهِيم باشا ورد بالعساكر الرومية وَأَنه بَادر بهم إِلَى لِقَاء عبد الْحَلِيم وكسره عبد الْحَلِيم كسرة شنيعة وغنمه جَمِيعه فاستقبح النَّاس مبادرته إِلَى ذَلِك قبل استكمال العساكر وطمع الْعَدو وَكَانَ عبد الْحَلِيم يَقُول بَقِي علينا لِقَاء هَذِه الْقَافِلَة يُشِير إِلَى حسن باشا وعساكره وَلم يزل الْعَسْكَر السلطاني يتَقرَّب قَلِيلا قَلِيلا واليازجي يقابلهم إِلَى أَن التقى الجيشان فِي مَكَان من نواحي سيواس يُقَال لَهُ الْبُسْتَان فاستند اليازجي إِلَى ذيل جبل وَوضع المدافع الْكَبِيرَة الَّتِي كَانَ أَخذهَا من عَسْكَر إِبْرَاهِيم باشا حِين كَسره وصف رِجَاله وَضرب المدافع فِي وَجه الْعَسْكَر

<<  <  ج: ص:  >  >>