للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وطلبوها للمذكور وَكَانَ القَاضِي وَجههَا لِابْنِ أبي البقا فعارضوه وَذكروا أحقية الْمَذْكُور فَقَالَ انْظُرُوا ثَالِثا مِمَّن يَسْتَحِقهَا فَقَامَ الشَّمْس مُحَمَّد الميداني الْآتِي ذكره فِي الْمجْلس وَقَالَ أَنا الثَّالِث وطلبها فوجهها القَاضِي إِلَيْهِ وَخرج الْجَمَاعَة من عِنْد القَاضِي حنقين عَلَيْهِ ثمَّ سعى بعض أكابرهم فِي اتيان بَرَاءَة للبدر الْمَذْكُور فَلَمَّا قدم الْمولى مصطفى بن حسن قَاضِيا بِدِمَشْق ترافعا إِلَيْهِ بِمحضر من الْعلمَاء وكل مِنْهُمَا قدم بَرَاءَته فَاقْتضى رَأْي القَاضِي وَالْجَمَاعَة أَن تشطر بَينهمَا وداما على ذَلِك وَولي الْبَدْر بعد ذَلِك قَضَاء الشَّافِعِيَّة بِطَلَب عُلَمَاء دمشق وحمدت سيرته فِيهَا وَلم يزل قَاضِيا حَتَّى توفّي فِي سنة ثَلَاث أَو أَربع وَثَلَاثِينَ وَألف وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير بِقرب مَسْجِد النارنج رَحمَه الله تَعَالَى

الشَّيْخ حسن بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْكرْدِي الصهراني النورديني الشَّافِعِي الْمُحَقق الفهامة الْمُؤلف الْأُسْتَاذ كَانَ من أجلاء عُلَمَاء الأكراد وَله الباع الطَّوِيل فِي حل الغوامض والغوص على الْمعَانِي قدم إِلَى دمشق فِي حُدُود سنة خمس وَسبعين وَألف واختص أَولا بالملا أبي بكر ابْن منلا جامي الْمُقدم ذكره فاستنابه فِي تدريس الْمدرسَة السليمية لسوء مزاج كَانَ اعتراه وَعقد حَلقَة تدريس بالجامع الْأمَوِي عِنْد مقَام الْخضر وعاينته هُنَاكَ وَهُوَ يُقرر أَشْيَاء دقيقة المرمى تدل على نظر دَقِيق وَتَحْقِيق زَائِد وَأَخْبرنِي صاحبنا الملا مُحَمَّد بن رستم الصهراني وَهُوَ من أَقَاربه أَنه قَرَأَ بصهران على الْمولى رَسُول الصهراني وَأخذ بِبِلَاد ديار بكر عَن الْمولى قره قَاسم وَالْمولى عمر بن الْجَلِيّ صَاحب شرح البهائية فِي الْحساب والحاشية على ميزاب الْفَتْح فِي الْآدَاب وَحكى لي أَنه كَانَ يفضل الْجَلِيّ على جَمِيع من رَآهُ من أساتذته وَألف بِدِمَشْق شرحا على البهائية فِي غَايَة الدقة وَله رِسَالَة فِي سُورَة المطففين وَكَانَ شرع فِي تَحْرِير شرح على الْقطر لِابْنِ هِشَام على أسلوب عَجِيب من الدقة وَكتب مِنْهُ حِصَّة وافرة وَلم يكمله وَكَانَ فِي الزّهْد والورع غَايَة لَا تدْرك وَوَقع لَهُ أَحْوَال تدل على علو كَعبه فِي الْولَايَة حكى لي الملا مُحَمَّد الْمَذْكُور وَقَالَ أَخْبرنِي الملا حسن يَعْنِي صَاحب التَّرْجَمَة انه كَانَ فِي موطنه يكْتب مُصحفا فَجَلَسَ يَوْمًا للكتابة فَرَأى الدواة قد فاضت بالحبر حَتَّى امْتَلَأَ مَا حوله فَنَهَضَ مذعورا وركض مَسَافَة عشر خطوَات ثمَّ الْتفت فَرَأى خَلفه بحرا من حبر ثمَّ غاض فَرجع إِلَى مَكَانَهُ وَشرع يكْتب وحَدثني عَنهُ من هَذَا الأسلوب بأَشْيَاء كَثِيرَة وَلما مَاتَ الملا أَبُو بكر الْمَذْكُور فِي التَّارِيخ الَّذِي ذكرته فِي تَرْجَمته

<<  <  ج: ص:  >  >>