قاريها وَلم يُعْط الْقوس باريها
(وَوضع الندى فِي مَوضِع السَّيْف بالفتى ... مُضر كوضع السَّيْف فِي مَوضِع الندى)
فاستبد برياسة الأجناد فأحدقت بِهِ من سَائِر أطرافها الْآفَات والأنكاد اعتزلت عروس الْفَتْح فِي عَهده بِوَجْه عَابس وَلَا بدع فَإِنَّهُ كَانَ أشأم من طويس وداحس وَلم يطَأ جِسْرًا بشؤم أقدامه إِلَّا وَقد انْكَسَرَ كَمَا انْكَسَرَ ظهر الدّين فِي أَيَّامه قد استولى الْكفْر على بعض الْحُصُون الإسلامية من سخافة رَأْيه فاتخذت مساجدها كنائسا وأقيمت بهَا نواميس النواقيس فَأصْبح بِهَذَا السَّبَب ربع الْجِهَاد دارسا والعدا فِي أَيَّامه آمِنَة الثغور وباسمة الثغور وَلما عَاد غير مَحْمُود انْقَطع جلب الزَّاد واتصل الغلا وبعدت الرَّاحَة من الْعَسْكَر بِقرب الْأَعْدَاء والغزاة لم يستطيعوا مناما وَلم يَذُوقُوا طَعَاما وَكم واحدد من تِلْكَ الْجَمَاعَة قضى نحبه من المجاعة فَلَمَّا وصل إِلَى دَار السلطنة الْعلية رَاضِيا من الْغَنِيمَة بالأياب وَقد هلك من الْجند أَكثر من الْحَصَى وَالتُّرَاب فَعرف بزلة قدمه وأيقن بإراقة دَمه فَاسْتَجَارَ ببذل الْأَمْوَال من عصبَة بعصبة آملا مِنْهُم أَن يقيلوا عثاره وذنبه فتعصب لَهُ ذَلِك الحزب ليخلصه من شباك الْحِين فنكصوا على أَعْقَابهم وإنخذلت إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَظَهَرت الْعَدَاوَة والبغضاء وَلم يلتئم إِلَى الْآن شَمل الفئتين فاستقر فِي دست الوزارة وَأصْبح ساحباً ذيل الصدارة فَأخذ فِي إبعاد من تقرب إِلَى حَضْرَة السلطنة من الوزراء والحواشي من كل من هُوَ الدخيل فِي ذَلِك الْفَنّ والناشي زعما من سخيف عقله على أَن يسْتَقلّ بالوزارة على حكم الإنحصار وَلم يعلم بِأَن الْأَيَّام قد نهضت على قَوَائِم الهمة لأخذ الثأر حَتَّى قد سَوَّلت لَهُ نَفسه التَّفْرِيق بَين غُصْن الدولة ودوحته وَأصْبح هَذَا الْأَمر فِي صَدره أحل أمْنِيته فَعلم مَا أَرَادَ وَمَا شرع فِيهِ من الْمَكْر وَالْفساد فبادره الْعَزْل فاستمر عدَّة أَيَّام خَارج السُّور كالمحبوس وَقد نفضت النَّاس بِهَذَا السَّبَب غُبَار النكد والبؤس إِلَى أَن برز الْأَمر فِيهِ بتطهير الْعَالم من ذَلِك الْخبث الَّذِي هُوَ لنقض وضوء الْإِسْلَام حدث فغدا جيده فِي فتر خانق فاستراح مِمَّا ألم بِهِ من الْقلب الخافق فاتفقت مواراة سوأته بِقرب من قبله حسن باشا باسكدار وَمَا أبْغض الْجَار إِلَى الْجَار انْتهى قلت وَكَانَ قَتله فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة بعد الْألف وَالله أعلم
حسن باشا الْوَزير صَاحب الْيمن كَانَ من أَعْيَان الوزراء أرْسلهُ السُّلْطَان مُرَاد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute