أَرَادَ أَن يكون فِي سلك المدرسين منتظما لاندراجه فِي خدمته فَمَا تيَسّر لَهُ ذَلِك لعدم أَهْلِيَّته فَلَمَّا عجز عَن هَذِه الْقَضِيَّة أَخَذته الحمية الْجَاهِلِيَّة فَبنى لَهُ تِلْكَ الْمدرسَة ليَكُون مدرسا بهَا لدروس الدُّرُوس وإمضاء للغيرة المقررة فِي النُّفُوس وفيهَا سِقَايَة للسبيل يرْوى بِمَائِهَا الغليل انْتهى قلت وَكَانَ مَقْتَله فِي سنة سِتّ بعد الْألف
حسن باشا الشهير بميشجي هُوَ كَالَّذي قبله كَانَ أحد الوزراء فِي عهد السُّلْطَان مُحَمَّد بن مُرَاد وَكَانَ فِي مبدئه من جمَاعَة السُّلْطَان فِي الدَّاخِل ثمَّ خرج ضابطا للجند الْجَدِيد وعزل ثمَّ أُعِيد ثمَّ أعْطى حُكُومَة شرْوَان ثمَّ عزل وَصَارَ وزيرا رَابِعا وَأعْطى التفتيش على السِّكَّة الجديدة وَالْأَمْوَال فِي شهر ربيع الأول سنة تسع بعد الْألف فَشَكَرت خدمته فَصَارَ قَائِم مقَام الْوَزير فِي شعْبَان من هَذِه السّنة ثمَّ أعْطى ختم الوزارة الْعُظْمَى فِي سادس عشرى محرم سنة عشرَة وَألف وَكَانَ جبارا خَبِيث الطَّبْع عنيدا وَقد تَرْجمهُ المنشي الْمَذْكُور آنِفا فأفرط فِي سبه حَيْثُ قَالَ فِي وَصفه قذاة عين الدّين وكمد قُلُوب الْمُوَحِّدين ضعف تركيب الْإِسْلَام وَقُوَّة عَبدة الْأَصْنَام من نبذ كتاب الله وَرَاء ظَهره وَلم يطع مَا أوجبه من نَهْيه وَأمره غَدا الفسادية مشدود الأزر ولعمري إِن وزارته مَأْخُوذَة من الْوزر كَانَ أسدا فِي السّلم وَفِي الْحَرْب نعاما وَلم يزل يتبع الْمعاصِي كالندامى لم يُمَيّز بَين الصُّوف والخز وَلم يفرق بَين العباءة والجز
(وَمَا انْتِفَاع أخي الدُّنْيَا بناظره ... إِذا اسْتَوَت عِنْده الْأَنْوَار وَالظُّلم)
إِلَيْهِ بِالْجَهْلِ يومي مثل حمَار الطَّبِيب توما لَكِن جَهله مركب لَو أنصفوه لَكَانَ مركب
(لَو كَانَ خفَّة عقله فِي رجله ... سبق الغزال بهَا وصاد الأرنبا)
غَدَتْ لَهُ عروس الوزارة الْعُظْمَى متدانيه وقطفت ثمار وَصلهَا يَده الجانية جازي من كَانَ السَّبَب فِي إفَاضَة تِلْكَ النِّعْمَة عَلَيْهِ بالكفران وَجعله غَرضا للنوائب وخانه فِي مُعَامَلَته وَالله لَا يحب كل خوان اسْتَعَانَ بنعمته على كفران نعْمَته وَجعل تِلْكَ السَّيئَة عنوان صحيفَة سيئته سل عَلَيْهِ سَيْفا يَده صقلته وَشرع عَلَيْهِ رمحا كَفه قومته عَامله بِمَا جبلت عَلَيْهِ سفالة سجيته وَلَا تَثْرِيب عَلَيْهِ إِذْ كل يعْمل على شاكلته لم يتَفَرَّع على مَا رتبه من مُقَدمَات الْغدر إِلَّا نتيجة قَتله كَيفَ لَا وَلَا يَحِيق الْمَكْر السَّيئ إِلَّا بأَهْله لم يؤد الْأَمَانَة إِلَى أَهلهَا وَلم يزف الْعَرُوس إِلَى بَعْلهَا وَلم يدْفع الصَّحِيفَة إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute