الْجَدِيد فلعلم أكَابِر الدولة أَنهم إِذا صمموا على عَزله شقّ العصافير فَتَرَكُوهُ وارتضوا بِالْمَالِ فكثرت أجناده وأمواله وَكَانَ لَهُ مُرُوءَة وفتوة ومحبة للْعُلَمَاء وَالصَّالِحِينَ إِلَّا أَنه كَانَ ظَالِما لاحتياجه إِلَى علوفات السبكانية وَكَانَ لَهُ فَضِيلَة فِي علم المفلك والرايرجا والتقويمات والرمل وَصرف أَكثر عمره فِي ذَلِك وَلما توجه مُحَمَّد باشا الْوَزير ابْن سِنَان باشا الْوَزير الْأَعْظَم سردارا على حُسَيْن باشا أَمِير لِوَاء الْحَبَشَة وَكَانَ خرج عَن الطَّاعَة وشق الْعَصَا وَسَببه أَنه لما تولى إِمَارَة الْحَبَشَة أَخذ مِنْهُ أكَابِر الدولة مَالا جزيلاً اسْتَدَانَ غالبه ثمَّ عزلوه سَرِيعا فشق الْعَصَا مغاصباً لَهُم فَتوجه صَاحب التَّرْجَمَة لحربه صُحْبَة السردار فَقدم إِلَى كاس خارجي من السبكانية يُقَال لَهُ رستم وَمَعَهُ من الْبُغَاة أجناد كَثِيرَة وَكَانَ ضَابِط كاس عَزِيز كتخدا من جمَاعَة صَاحب التَّرْجَمَة فَبعث واستنجد بعساكر حلب مِنْهُم الْعَسْكَر الْجَدِيد فَخَرجُوا لنصرته واجتمعوا جَمِيعًا فتقابلت الأجناد وَقَامَ بَينهم سوق الْحَرْب والطعن وَالضَّرْب فانتصر عَسْكَر رستم على عَسْكَر كاس وحلب وَقتل عَزِيز كتخدا وَقتل من العسكرين مَا لَا يُحْصى وولوا منهزمين فنهب الْخَارِجِي كلس وصادر أَعْيَان أهل الْقرى وَلما تولى نصوح باشا كَفَالَة حلب وَكَانَ عَسَاكِر دمشق تغلبُوا على حلب ونواحيها وَأمره السُّلْطَان أَحْمد بإخراجهم وَعجز عَن ذَلِك فاستعان بِصَاحِب التَّرْجَمَة فَبعث ابْن أَخِيه الْأَمِير عَليّ بعسكر عَظِيم فَأصْبح نصوح باشا وَقد أَخذ القلعة وَوضع متاريس تَحت قلعة حلب واستعدت جماعته فَكَانُوا نَحْو سِتّمائَة فَأخذت العساكر الدمشقية بَاب بانقوسا واستعدوا وجمعوا عساكرهم نَحْو الْأَلفَيْنِ وهم لَا يعلمُونَ أَن صَاحب التَّرْجَمَة بعث عَسَاكِر فَاحْضُرْ نصوح باشا إِلَيْهِ كنعان سردار الدمشقيين وَأخْبرهُ أَن السُّلْطَان رفعهم من الِاسْتِخْدَام وَأمر بإخراجهم من حلب بعيالهم فامتنعوا ثمَّ تواردت الْأَخْبَار أَن الْأَمِير عَليّ بن جَانِبه ولاذ وصل إِلَى قَرْيَة حيلان بعساكر لَا تحصى فَخَرجُوا فِي الظلام وَلم يبْق مِنْهُم اُحْدُ وَفِي الْيَوْم الثَّانِي دخل الْأَمِير على العساكر المتكاثقة فَتَبِعهُمْ نصوح باشا وَمَعَهُ الْأَمِير عَليّ إِلَى قَرْيَة كفر طَابَ فَوَقع بَينهم محاربه فَانْهَزَمَ الدمشقيون بعد مَا قتل مِنْهُم جم غفير فصادر نوح باشا أقاربهم وأتباعهم وَفعل حُسَيْن باشا مَعَ نصوح باشا هَذَا الْفِعْل فَأخذ نصوح باشا يتَكَلَّم بَين النَّاس أَنه يُرِيد قتل حُسَيْن باشا فَسمع الْخَبَر فَأخذ فِي جمع العساكر وَبعث جمَاعَة إِلَى السردار جارسنان باشا ابْن جغاله الَّذِي أرْسلهُ السُّلْطَان لقِتَال الشاه فَبلغ ذَلِك نصوح باشا فاشتدت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute