الشاذلي وهما
(عينان عينان لم ترقأ دموعهما ... لكل عين من الْعَينَيْنِ نونان)
(نوناّن نوناّن لم يخططهما قلم ... لكل نون من النونين عنان)
فَأجَاب من أجَاب عَنهُ بِمَا ناسب قدره لكنه ضل فِي غيهب ليل فكرة وَمَا صَادِق قدره وألهمني الله عَنهُ مَا يقرب من الْجَواب فَلَعَلَّهُ أَن يكون قَاضِيا بِهِ لَا قاصيا عَن الصَّوَاب فَقلت
(جَوَابه سُورَة الرَّحْمَن ناطفة ... بِهِ أيا روح ذاتي عين إنساني)
(فَكل عين لَهَا نون عَلَيْك بهَا ... لَكِنَّهَا بإعتبار الْبسط نونان)
(هَذَا ونونان أَن تطلب بيانهما ... فأسماهما مِنْهُمَا لَا رسم قُرْآن)
(فاسم على سمك وأسم على ملك ... يرى لكل من الأسمين عنان)
(هاك الْبَيَان بتقرير اللِّسَان بِهِ ... تَحْرِير سر جناه كنز عرفان)
وَمن شعره قَوْله مقتبسا
(كم من جهول فِي الْغَنِيّ سارح ... وَمن عليم فِي عناء مُقيم)
(قد حارت الْأَلْبَاب فِي سرذا ... وطاشت النَّاس فَقَالَ الْحَكِيم)
(لَا يسئل الخلاق عَن فعله ... ذَلِك تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم)
وَقَوله
(يَا رَاضِيا بِعُلُومِهِ بَين الورى ... إياك فيا أَن يشينك قَادِح)
(لتَكون مرضياً بهَا عِنْد الندى ... يأيها الْإِنْسَان أَنَّك كَادِح)
وَقَوله
(يَا من يروم إِلَى الْحَقَائِق مسلكاً ... إِن شِئْت فِيهَا أَن تصبر بَصيرًا)
(فَعَلَيْك بالهادي النصير كِفَايَة ... وَكفى بِرَبِّك هادياً ونصيراً)
وَقَوله
(ألهي تناجيك السَّمَاء وَأَهْلهَا ... وترجوك أهل الأَرْض حَقًا وتقصد)
(تَبَارَكت يَا رَحْمَن أَنْت رحيمنا ... وَمَالك يَوْم الدّين أياك نعْبد)
وَبِالْجُمْلَةِ فَلهُ آثَار كَثِيرَة وَاسْتقر آخر أمره بِدِمَشْق وَسكن فِي الْمدرسَة الكلاسة فِي حجرَة صَغِيرَة تجاه الْجَامِع الْأمَوِي فِي جوَار مرقد السُّلْطَان صَلَاح الدّين بن أَيُّوب وَقَرَأَ عَلَيْهِ الجم الْغَفِير من أهل دمشق أَنْوَاع الْعُلُوم وَبِه انتفعوا فِي فنون الْأَدَب وَفِي حل الْكَلَام ابْن الفارض وَكَانَ عيشه بِدِمَشْق أمرا غَرِيبا لَا يعرف لَهُ أحد وَجه معاش وَكَانَ لَا يقبل من أحد شَيْئا مَا وَلَو كَانَ على سَبِيل الْهَدِيَّة وَكَانَ لَا يعاشر بِلَا الْفُقَرَاء وأرباب الطَّرِيق من الصُّوفِيَّة وَكَانَ ملازما لزيارة قُبُور الْأَنْبِيَاء والأولياء ومشايخ الْعلم مِمَّن لَهُم مَرَاتِب مَعْلُومَة وَكَانَ فِي أَكثر أوقاته يُوجد منتزها فِي بساتين