للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِظِل العساكر ثمَّ إِن السُّلْطَان مُرَاد بَعْدَمَا قتل صَنَادِيد الأجناد أَخذ يقتل بعض أَعْيَان الْقُضَاة من الموَالِي وَغير الموَالِي وَكَانَ من عَادَة بني عُثْمَان لَا يقتلُون الْعلمَاء فَفِي أثْنَاء ذَلِك توجه السُّلْطَان إِلَى بروسة فَاجْتمع جمَاعَة من الموَالِي وَشَكوا فِيمَا بَينهم من السُّلْطَان وَأَنه خَالف قانون أجداده فِي قتل الْعلمَاء ثمَّ إِن صَاحب التَّرْجَمَة كتب ورقة لحضرة وَالِدَة السُّلْطَان متضمنة أَن قوانين السلاطين أَن لَا يقتلُوا الْعلمَاء وَإِذا حصل مِنْهُم ظلم طردوهم إِلَى بِلَاد بعيدَة وَنحن من الداعين لابنك حَضْرَة السُّلْطَان فنؤمل إِذا قدم بِالصِّحَّةِ من السّفر تذكرين لَهُ ذَلِك بِحسن عبارَة ليترك هَذَا الْأَمر فَلَمَّا وصلت الورقة إِلَيْهَا فَكَأَنَّهُ وشى المفسدون أَن الْمُفْتِي وَالْعُلَمَاء يُرِيدُونَ الِاجْتِمَاع على خلع السُّلْطَان فَكتبت إِلَى السُّلْطَان ورقة بذلك وَبعثت بِوَرَقَة الْمُفْتِي فَلَمَّا وصل الْخَبَر إِلَيْهِ بَادر بالمجيء من بروسة على أَجْنِحَة السرعة وَدخل قسطنطينية وأحضر الْمُفْتِي وخنقه فِي الْحَال وَذَلِكَ فِي خَارج قسطنطينية فِي قَرْيَة بساحل الْبَحْر وَدَفنه فِي مَكَان لَا يعلم قَبره وَبعث بِابْنِهِ إِلَى قبر قدس فاختل عقل ابْنه وَمَات فِي غُضُون ذَلِك وَولى الْفَتْوَى الْمولى يحيى بن زَكَرِيَّا وَكَانَ قَتله فِي رَجَب سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَألف رَحمَه الله تَعَالَى

الشَّيْخ حُسَيْن بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بِابْن فرفرة الدِّمَشْقِي المجذوب الصَّالح المكاشف كَانَ فِي مبدأ أمره من آحَاد الْجند الشَّامي وَتعين مُدَّة فِي بَاب قَاضِي الْقُضَاة بِدِمَشْق وَكَانَ يحضر من يطْلب إِحْضَاره للمخاصمة فاتفق أَنه عينه بعض أَرْبَاب الْحُقُوق إِلَى قَرْيَة عين ترما من قرى دمشق لاحضار رجل من أهاليها فَسَار إِلَى أَن وصل إِلَى قرب الْقرْيَة الْمَذْكُورَة فصادفته الْعِنَايَة الربانية فسلب فِي ذَلِك الْمَكَان وساح فِي تِلْكَ الدائرة مُدَّة وَظَهَرت لَهُ أَحْوَال باهرة ثمَّ سكن حَاله وَاسْتقر فِي المنارة الغربية أحد المنارات الثَّلَاث بِجَامِع بني أُميَّة واتخذها دَار مبيته وَحفظ الْقُرْآن فِي مُدَّة قَليلَة وَكَانَ يدارس بِهِ فِي السَّبع بَين العشاءين بالجامع الْمَذْكُور وَيُؤذن بالمنارة الْمَذْكُورَة للأوقات الْخَمْسَة وَكَانَ قواما بِاللَّيْلِ يقْضِي ليله فِي تِلَاوَة الْقُرْآن وَالذكر والتوحيد وَإِذا جَاءَ وَقت الثُّلُث الْأَخير يَصِيح بِصَوْت شجي وَيَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله الْملك الْحق الْمُبين مُحَمَّد رَسُول الله الصَّادِق الْوَعْد الْأمين ويكررها إِلَى أَن يطلع المؤذنون إِلَى المنارة ويبدؤون بالتسبيح والتهليل ثمَّ يُؤذن مَعَهم أَذَان الصُّبْح وَيذْهب بعد طُلُوع الشَّمْس إِلَى مَزَار بعض الصَّالِحين تَحت القلعة بِالْقربِ من جَامع يلبغا فيمكث وَحده هُنَاكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>