رَجَعَ إِلَى القصيدة مِنْهَا
(والغيم فِي وسط السَّمَاء كَأَنَّهُ ... قطع اللجين على بِسَاط أَزْرَق)
أَخذه من قَول ابْن المعتز
(والبدر فِي أفق السَّمَاء كدهم ... مقلى على ديباجة زرقاء)
وَذكره الخفاجي فِي كِتَابيه وَأثْنى عَلَيْهِ كثيرا وَذكر قصيدته الَّتِي راسله بهَا ومطلعها
(قبلت مصطجا شفَاه الاكؤس ... وَالصُّبْح يبسم لي بثغر ألعس)
وَجَوَاب الطالوي عَنْهَا بقوله
(خد تورد من لهيب تنفس ... أم قد معسول المراشف ألعس)
ثمَّ قَالَ فِي تَرْجَمته وَرَأى نبلوفرة صَارَت صد فاللآلئ السَّحَاب وحقة لدر الندى الْمُذَاب كَأَنَّهَا بوتقة أذاب فِيهَا الجو نضارة أَو كأس فِي يَد مصطج يداوي خماره أَو مقلة صب كئيب فاجأه على الْغَفْلَة الرَّقِيب بَعْدَمَا امْتَلَأت بدمع الجوي فتردد فِيهِ الدمع من صرة النَّوَى وَقد طفا المَاء الزلَال فَبلغ حافاتها وَمَا سَالَ بل تشبث بأهداب أوراقها خشيَة فراقها فَقَالَ
(ونوفرة كعين الصب سكرى ... نجم المَاء خشيَة أَن يراقا)
(ذكرت لَهَا النَّوَى يَوْمًا فَفَاضَتْ ... وَصَارَت كلهَا للدمع ماقا)
قلت ضمن فِيهِ قَول المتنبي
(نظرت إِلَيْهِم وَالْعين سكرى ... فَصَارَت كلهَا للدمع ماقا)
وَمن غَرِيب مَا وَقع أَنه لما توجه من دمشق إِلَى الرّوم اجتاز بثغر صيدا وحاكمها إِذْ ذَاك الْأَمِير فَخر الدّين الْمَعْنى وَكَانَ مَعَه لَهُ مَكْتُوب بالتوصية فِيهِ من محافظ الديار الشامية الْوَزير شرِيف باشا فأوصله إِيَّاه مَعَ قصيدة مدحه بهَا مطْلعهَا
(قل لمجرى الْجِيَاد قب الْبُطُون ... وأمير الْبِلَاد فَخر الدّين)
وَكَانَ مَعَه غُلَام كالبدر لَوْلَا أفوله والغصن لَوْلَا ذبوله لَو رَآهُ الفرزدق سلا نوار بأحداقه الَّتِي تستوقف الْأَبْصَار فاغتصبه مِنْهُ فأسف على يوسفه أَسف يَعْقُوب وأمل النُّصْرَة على الدَّهْر فَأصْبح المغلوب فَكتب إِلَى الشريف الْوَزير يستعديه على ذَلِك الْأَمِير قصيدة أَولهَا
(بِاللَّه يَا نشر العبير ... سيرى بروضات العرى)
إِلَى أَن قَالَ