وأخبار الْمُلُوك وَالشعرَاء قل أَن تُوجد فِي أحد من أَبنَاء الْعَصْر قَرَأَ بِدِمَشْق عَن الجلة من الْمَشَايِخ مِنْهُم العكارى الْمَذْكُور قبله والعمادي الْمُفْتِي وَالشَّيْخ مصطفى بن محب الدّين وَغَيرهم وَأخذ الحَدِيث عَن النَّجْم الْغَزِّي وَالشَّيْخ غرس الدّين الخليلي الْمدنِي وَله مَشَايِخ كَثِيرُونَ غَيرهم وتصدر للأقراء مُدَّة حَيَاته فِي جَامع السنانية والدرويشية وانتفع بِهِ خلق كثير وَكتب الْكثير بِخَطِّهِ وَجمع نفائس الْكتب من كل فن وَرَأَيْت لَهُ تعليقات ورسائل كَثِيرَة وَذكره شَيخنَا الخياري الْمدنِي فِي رحلته وَقَالَ فِي تَرْجَمته كَانَ بيني وَبَينه قبل اللِّقَاء مكاتبات فائقة ومراسلات شائقة تدل على غزارة علمه وفضله وتقضي للظمآن بورود نهله فَكنت أتعشقه على السماع ورؤيا الْآثَار وَأَرْجُو من الله حُصُول الإجتماع وتملى الْأَبْصَار حَتَّى كَانَ بِالشَّام وَكنت أتمناه بِمَدِينَة النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فأنشدني من لَفظه أول مَا لَقِيَنِي للسلام وَأخْبر أَنه بديهة قَالَه فِي ذَلِك الْمقَام
(أودّ زَمَانا أَن أَرَاكُم بمقلتي ... وأقضي فروضاً قد تعلقن ذِمَّتِي)
(إِلَى أَن قضى الله اجتماعاً بوصلكم ... وَقد كَانَ هَذَا الْوَصْل فِي يَوْم جُمُعَة)
قَالَ فأجبته بعد أَيَّام بِقَوْلِي
(أيا سيدا سرّ الْفُؤَاد بِأَنَّهُ ... يُلَاحظ عبدا فِي حُضُور وغيبة)
(وَقد علم الْمولى تَأَكد شوقنا ... فيسره بِالشَّام أنزه بقْعَة)
(على أَنَّهَا فاقت بِمَا انْفَرَدت بِهِ ... من الْحسن من مَاء معِين وربوة)
قَالَ وَكَانَ كتب إِلَى الْمشَار إِلَيْهِ من الشَّام وَأَنا بِالْمَدِينَةِ يطْلب مني تَرْجَمَة السَّيِّد مُحَمَّد جمال الدّين الْمَشْهُور بكبريت الْمدنِي
(يَا خَطِيبًا بِأَرْض طيبَة أضحى ... أفْصح الْعَرَب عِنْده سكيتاً)
(جد على العَبْد سَيِّدي بمناه ... وَهُوَ مَا ترجموا بِهِ كبريتاً)
فأجبته وَقد رقمت لَهُ من تَرْجَمته مَا سمح بِهِ الخاطر
(عين أهل الشَّام يَا وَاحِد الْعَصْر ... وَمن حَاز فِي الْمَعَالِي صيتًا)
(دمت فِينَا زناد فضلك وار ... لست تحْتَاج للذكا كبريتاً)
قَالَ وَكتب إِلَيّ
(أشيخ الْوَقْت إِبْرَاهِيم يَا من ... عَلَوْت على الورى هام الدراري)
(لأَنْت بِطيبَة من خير قوم ... خِيَار من خِيَار من خِيَار)