الْعَصْر قَالَ ثمَّ غَابَ عني فِي مَحَله فَتبين لي أَنه الْخضر وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ بَين الْفضل مَشْهُور الْمعرفَة وَكَانَ لَهُ همة عالية وإقدام فِي الْأُمُور وَله إنْشَاء بِالْعَرَبِيَّةِ وَشعر قَلِيل لَا يحضرني مِنْهُ إِلَّا مَا قرأته بِخَط الإِمَام المتجر مُحَمَّد بن عَليّ الحرفوشي الحريري شَارِح الفاكهي فِي مَجْمُوع لَهُ قَالَ كتبت إِلَى الْأَخ الْعَلامَة رَمَضَان العكاري محاجيا فِي اسْمه وَنحن بقصر القرماني بالجسر الابيض من صالحية دمشق قولي
(يَا زاكيا نجاره ... وَمن تسامى قدما)
(مَاذَا يُسَاوِي قَول من ... حاجيته اقصد غنما)
فَأجَاب بقوله
(يَا فَاضلا مَا مثله ... من مَا جد تكرما)
(أحجية تَضَمَّنت ... شهر الصّيام وأسلما)
وَحج مرَّتَيْنِ ثَانِيهمَا فِي سنة خمس وَخمسين وَرجع متوعك المزاج وَمكث فِي دَاره يزار إِلَى لَيْلَة الثُّلَاثَاء خَامِس عشر شهر ربيع الثَّانِي سنة سِتّ وَخمسين وَألف فانتقل إِلَى رَحْمَة الله تَعَالَى وَدفن بتربة بَاب الصَّغِير وَكَانَت وِلَادَته فِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَذكر وَالِدي المرحوم فِي تَرْجَمته أَنه أخبرهُ الشَّيْخ الْفَاضِل تِلْمِيذه وسميه رَمَضَان بن مُوسَى بن عطيف الْآتِي ذكره بعده فِي منزله بِدِمَشْق أَنه رأى صَاحب التَّرْجَمَة فِي الْمَنَام بعد وَفَاته جَالِسا بمحراب جَامع السنانية فَنظر إِلَيْهِ وَأنْشد بِلَفْظ عريض
(مضى عصر الصِّبَا لَا فِي انْشِرَاح ... وَلَا وصل يلذ مَعَ الصَّباح)
(وَلَا فِي خدمَة الْمولى تَعَالَى ... فَفِيهَا كل أَنْوَاع الْفَلاح)
(وَكنت أَظن يصلحني مشيبي ... فشبت فَأَيْنَ آثَار الصّلاح)
قلت وَسَأَلت أَنا شَيخنَا العطيفي عَن هَذِه الأبيات هَل يعرف أَنَّهَا من نظمه أَو من نظم غَيره فتوقف ثمَّ بعد ذَلِك لَا زلت أفحص عَنْهَا حَتَّى وَجدتهَا منسوبة لبَعض بني السُّبْكِيّ وَأَظنهُ الشَّيْخ الإِمَام
رَمَضَان بن مُوسَى بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْمَعْرُوف بِابْن عطيف الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ شَيخنَا الْأَجَل صَاحب الْفُنُون والآداب الْفَقِيه النَّحْوِيّ الْفَائِق البارع أحد أجلاء الْمَشَايِخ بِدِمَشْق فِي عصره كَانَ لطيف الطَّبْع حسن المعاشرة منطر حاوله منادمة تَأْخُذ بِمَجَامِع الْقُلُوب يتَصَرَّف فِيهَا تَصرفا عجيبا وَله رِوَايَة فِي الشّعْر وَأَيَّام الْعَرَب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute