للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمن غزلياته قَوْله

(قد قتل العشاق من لحظه ... دِمَاؤُهُمْ سَالَتْ على الأودية)

(يَا عجبا من قَاتل أَنه ... لَيْسَ عَلَيْهِ قَود أَوديَة)

وَله غير ذَلِك وَكَانَ درس بمدارس قسطنطينية حَتَّى وصل إِلَى السليمانية وَولي مِنْهَا قَضَاء حلب فِي سنة ثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة قَالَ الشَّيْخ عمر العرضي وَلما قدمهَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ مُسلمين عَلَيْهِ فَإِذا هُوَ رجل فَاضل لَهُ استحضار حسن فِي فقه أبي حنيفَة وَكم جرى بَيْننَا وَبَينه من الأبحاث الَّتِي تدل على حسن استحضاره وسألني ذَات يَوْم عَن قَول بعض كتب الْحَنَفِيَّة لَو ادّعى رجلَانِ على إمرأة أَنَّهَا زَوْجَة كل مِنْهُمَا أَحدهمَا زيد وَالْآخر عمر فَقَالَت فِي الحواب تزوجت زيدا بعد عمر وَحكم بِأَنَّهَا زَوْجَة لزيد لَكِن لَو قَالَ لَهَا القَاضِي روجه من أَنْت فَقَالَت تزوجت زيدا بعد عمر وَحكم بِأَنَّهَا زَوْجَة عمر وفقال لي مَا الْفرق بَينهمَا فبحثنا مَعَه على قدر الْإِمْكَان ثمَّ أَنه أظهر جَوَابا حسنا من الْخُلَاصَة فَأخذت الْجَواب وكتبت عَلَيْهِ رِسَالَة لَطِيفَة وَقعت عِنْده فِي حيّز الْقبُول ثمَّ إِنِّي كتبت لَهُ رِسَالَة تشْتَمل على ثَلَاثِينَ سؤالا من اثْنَيْنِ وَعشْرين علما أَرَادَ أَن يلْتَزم الْجَواب عَنْهَا فَأجَاب عَن بعض أسئلتها ثمَّ اعتذر بِكَثْرَة اشْتِغَاله بالحكومات وَغَيرهَا ثمَّ ترقى فِي المناصب إِلَى أَن صَار قَاضِي العساكر بانا طولي ثمَّ عزل وَدخل دمشق بعد عَزله فِي سنة أَربع وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة مُتَوَجها مِنْهَا إِلَى الْحَج وصحبته ولداه الْمولى يحيى الَّذِي صَار آخرا مفتي الدولة وَالْمولى لطف الله الْآتِي ذكرهمَا وَقعد مَا أَدّوا فَرِيضَة الْحَج عَادوا إِلَى الرّوم فولى صَاحب التَّرْجَمَة قَضَاء الْعَسْكَر بروم إيلي وَوَقع بَينه وَبَين سِنَان باشا الْوَزير الْأَعْظَم فِي شعْبَان سنة ثَمَان وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة فعزل ثمَّ ولي الْإِفْتَاء فِي رَجَب سنة إِحْدَى بعد الْألف وَأنْشد فِي تَوليته ابْن نوعى صَاحب ذيل الشقائق التركي بيتنا بالتركية استحسنته جدا فعربته فِي هذَيْن الْبَيْتَيْنِ ومنهما يعلم مَعْنَاهُ وهما قَوْله

(فِي رَأس كل مائَة يَجِيء من ... يجدد الدّين بِحسن الْوَصْف)

(وَمثل ذَا مُجَدد الدّين لَا ... يَجِيء إِلَّا وَاحِد فِي الْألف)

وَلم تطل مدَّته فَتوفي فِي شَوَّال من هَذِه السّنة وَكَانَت وَفَاته فَجْأَة دخل إِلَى حَضْرَة السُّلْطَان مُرَاد الثَّالِث وَاجْتمعَ بِهِ وَألبسهُ خلعة سنية فحال خُرُوجه سقط مَيتا وروى عَنهُ أَنه قبل وَفَاته بليلة وَاحِدَة رأى فِي مَنَامه كَأَن النَّبِي

<<  <  ج: ص:  >  >>