طَالبا الْأمان لَهُ ولقيطاس وَمن مَعَه من الشريف زيد فجَاء بِهِ إِلَى الشريف زيد فآمنه وَوَقع الصُّلْح ونصبت للشريف خيمة فَنزل بهَا يستظل وَسَأَلَ السَّيِّد عبد الْعَزِيز من الشريف زيد أَن يُوصل قيطاس إِلَى مأمنه لِأَنَّهُ أشْفق من نهب العربان لَهُ فأصحبه الشريف خمسين رجلا من الْعَسْكَر فَذهب إِلَى جدة رَاجعا خائباً وَجَاء بعد أشهر عَزله فَذهب إِلَى يَنْبع وواجه الْحَاج وَبهَا وَمكث بهَا إِلَى عود الْحَاج من مَكَّة إِلَيْهَا فَتوجه مَعَهم إِلَى مصر وَتوجه مَعَه السَّيِّد عبد الْعَزِيز فاستمر قيطاس بِمصْر سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَجَاء فِي موسمها أَمِير الْحَاج الْمصْرِيّ فَلَمَّا خرج الشريف زيد لملاقاته للخلعة السُّلْطَانِيَّة على الْعَادة لم يكن بَينهمَا مناكبة على الْمُعْتَاد بل مد لَهُ الشريف يَده فصافحها وَمن عامئذ تركت مناكبة شرِيف مَكَّة لأمراء الحجيج وَبَالغ الْأَمِير فِي تَعْظِيم الشريف وَلم يظفر عَلَيْهِ فِي أمرما وَأقَام السَّيِّد عبد الْعَزِيز بِمصْر نَحْو سنتَيْن ثمَّ جَاءَ خبر وَفَاته فِي السّنة الثَّالِثَة شَهِيدا بالطاعون وانْتهى وَبِالْجُمْلَةِ فأحوال الشريف زيد طَوِيلَة وأخباره كَثِيرَة وَلَو بسط القَوْل فِي وقائعه وغزواته وسعوداته وموافقات الأقدار لمراداته لطال الْكَلَام وَقد مدح بالقصائد الطنانة النفيسة وقصدته الشُّعَرَاء من الْبِلَاد الْبَعِيدَة فَمن وَفد إِلَيْهِم مِنْهُم ومدحه بالقصيدة الفائقة فِي بَابهَا السَّيِّد أَحْمد الأنسي اليمني ومستهل قصيدته
(سلوا آل نعم بَعدنَا أَيهَا السّفر ... أعندهم علم بِمَا صيع الدَّهْر)
(تصدى لشت الشمل بيني وَبَينهَا ... فنزلها البطحا ومنزلي الْقصر)
(رَآنِي وَنِعما لاهيين فغالنا ... فشلت يَد الدَّهْر الخؤن وَلَا عذر)
(فوَاللَّه مَا مكر الْعَدو كمكره ... وَلَكِن مكراً صاغه فَهُوَ الْمَكْر)
(فقولا لأحداث اللَّيَالِي تمهلى ... وَيَا أيهذا الدَّهْر موعدك الْحَشْر)
(سَلام على ذَاك الزَّمَان وطيبه ... وعيش تفضى لي وَمَا نبت الشّعْر)
(فَتلك الرياض الباسمات كَأَنَّمَا ... عواتقها من سندس حلل خضر)
(تنضد فِيهَا الأقحوان ونرجس ... كأعين نعم إِذْ يقابلها الثغر)
(كَأَن غصون الْورْد قضب زبرجد ... تخال من الْيَاقُوت أعلامها الْحمر)
(إِذا خطرت فِي الرَّوْض نعم عَشِيَّة ... تفاوح من فضلات أردانها الْعطر)
(وَإِن سحبت أذيالها خلت حَيَّة ... إِلَى المَاء تسْعَى مَالا خمصها أثر)
(كساها الْجمال اليوسفي ملابسا ... فأهون ملبوس لَهَا التيه وَالْكبر)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute