وأدرج فِيهَا هَذَا الْبَيْت انْتهى وَكَانَت وَفَاة الشريف زيد فِي يَوْم الثلاثا لثلاث خلون من محرم سنة سبع وَسبعين وَألف وَدفن بالمعلاة فِي قبَّة عَم وَالِده الشريف أبي طَالب وأسف النَّاس عيه وَقَامَ بعده أَصْغَر أَوْلَاده الشريف سعد كَمَا ذكرنَا ذَلِك مفصلا فِي تَرْجَمَة الشريف بَرَكَات فَلَا حَاجَة إِلَى الْإِعَادَة وَكَانَت مُدَّة ولَايَة صَاحب التَّرْجَمَة خمْسا وَثَلَاثِينَ سنة وشهراً وأياماً وَكَانَ متخلقا بالأخلاق الحميدة متصفاً بِالصِّفَاتِ الجميلة كثير الْحلم وَالصَّبْر والشفقة وَلم يضْبط عَلَيْهِ أَنه قتل شخصا بِغَيْر حق فِي هَذِه الْمدَّة وَكَانَت الأقطار فِي زَمَنه آمِنَة مطمئنة وَكَانَ أهل مَكَّة ينذرون لَهُ النذور يأْتونَ بهَا إِلَيْهِ خُصُوصا بعد وَفَاته فَإِن العقيدة فِيهِ أَكثر وَظهر أمره فِي الْعَالم وَقد رَآهُ بعض الصَّالِحين الثِّقَات فِي الْمَنَام بعد وَفَاته وَهُوَ قَائِم على بعض آبار مَكَّة وَبِيَدِهِ دلو عَظِيم يملؤه من تِلْكَ الْبِئْر ويصبه فِي الأَرْض فَقَالَ لَهُ يَا سَيِّدي مَا هَذَا أَنا أَحَق بِهِ مِنْك فَقَالَ لَهُ مَا تقدر على ذَلِك أما ترى إِلَى هَذِه النَّار وَأَنا أطفيها وَرَآهُ بَعضهم أَيْضا فِي بُسْتَان كَبِير وَهُوَ جَالس متكىء وأمامه من الْجِهَة الْأُخْرَى بَحر عَظِيم وَهُوَ فِي غَايَة الصِّحَّة فَتقدم إِلَيْهِ وَقبل يَدَيْهِ وَقَالَ لَهُ يَا سَيِّدي خاطرك مَعَ أولادك وَمَعَ الرّعية فَقَالَ لَهُ أما أَوْلَادِي فَالله وَرَسُوله مَعَهم وَمَا كَانَ من الرّعية فهم راضون عَنْهُم وَكَانَ لَهُ من الْوَلَد سَبْعَة من الذُّكُور أَحْمد وحسين وناصر مَاتُوا فِي حَيَاته وَورثه أَرْبَعَة حسن وَمُحَمّد يحيى وَأحمد وَسعد مرتبتهم فِي السن كرتبتهم فِي الذّكر وَمن الاناث عدَّة وأرخ وَفَاته الشَّيْخ أَحْمد بن أبي الْقَاسِم الحلى بقوله
(مَاتَ كَهْف الورى مليك مُلُوك ... الأَرْض من لم يزل مدى الدَّهْر محسن)
(فالمعالي قَالَت لنا أرخوه ... قد ثوى فِي الْجنان زيد بن محسن)
زين بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن عبد الله بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بِجعْل اللَّيْل صَاحب الْمَدِينَة المنورة أحد الْمَشَاهِير بِالْكَرمِ والباع الطَّوِيل فِي الْمعرفَة وَالْيَقِين ولد بِمَدِينَة روغة وَنَشَأ بهَا ورباه جده السَّيِّد الْكَبِير عقيل بن مُحَمَّد باحسن وألزمه أحسن الطَّرِيقَة وَصَحب الْعلمَاء وغاص مَعَهم ثمَّ رَحل إِلَى تريم وَأخذ عَن جمَاعَة ثمَّ ارتحل إِلَى الديار الْهِنْدِيَّة فَدخل بندر سورت وَأخذ بِهِ عَن شمس الشموس مُحَمَّد ابْن عبد الله العيدروس ثمَّ حج سنة سبع عشرَة بعد الْألف وَعَاد إِلَى تِلْكَ الديار ثمَّ لما مَاتَ شَيْخه العيدروس اجْتمع هُوَ بالوزير الْأَشْهر الْملك عنبر فقابله بالاكرام وحظى عِنْده كثيرا وأحبه بعض الوزراء ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْحَرَمَيْنِ وَصَحب بهما جمَاعَة وَأخذ