للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على سَاق الارتجال وأنشدت أَصْحَابِي فِي الْحَال

(وَولي قطب لرب السَّمَاء ... أسْرع الصحو إِذْ دَعَا بِالْمَاءِ)

(فِي صُرَاخ وأدمع هُوَ يُغني ... عَن رعو منهلة الأنواء)

(فَكَأَن السَّحَاب كَانَ مَرِيضا ... مَاتَ لما دَعَا بالاستسقا)

انْتهى قلت ذكره بِهَذَا الاسلوب من الشهَاب اسمج السمج وَالْحَامِل لَهُ على ذَلِك الْحَسَد لتصور مَا كَانَ عَلَيْهِ المترجم من الاقبال وَإِلَّا فالشهاب لَيْسَ من أقرانه بِحَسب الْوُجُود أما فِي حَيَاة المترجم فمعلوم ضَرُورَة أَن الخفاجي كَانَ إِذا ذَاك فِي ابْتِدَاء طلوعه وغضارته وَلَيْسَ بِالْمُشَارِ إِلَيْهِ فِي أَمر وَأما بعد مَوته فَإِنَّهُ وَإِن ولي قَضَاء مصر لكنه لم يبلغ بعض مَا بلغ ذَاك من الْحُرْمَة والهيبة وأنى لَهُ وَلَو سلم هَذَا فَمَا الْمُقْتَضى لحسد رجل فَاتَ وولعت بِهِ أَيدي الْآفَات وَمَا ذكره وَقع قَرِيبا فِي بَلْدَتنَا دمشق مَا يُشبههُ وَذَلِكَ أَنهم خَرجُوا يستسقون فَلم يسقوا وَاتفقَ فِي ذَلِك الْيَوْم مجئ مظْلمَة سلطانية فَقَالَ فِي ذَلِك شَيخنَا الشَّيْخ عبد الْغَنِيّ النابلسي

(خَرجُوا ليستسقوا الْغَدَاة فأمطروا ... سحب الجرائم من سما الْحُكَّام)

(ودعوا فحين تصدعت أنفاسهم ... ردّت منكسة من الآثام)

(وَلَو استقاموا فِي الْأُمُور تَتَابَعَت ... نعم الْإِلَه ومنة الْإِسْلَام)

(إِن السِّهَام إِذا تعوّج نصلها ... عَادَتْ فأثر عودهَا بالرامي)

عودا وَبلغ صَاحب التَّرْجَمَة فِي آخر أمره من الْجَلالَة ونفوذ الْكَلِمَة مبلغا لَيْسَ لَا حد وَرَاءه مطمع حَتَّى خشيَة حكام مصر وَكَانُوا يدارونه ويتوقعون رِضَاهُ إِلَى أَن ولي قَضَاء مصر الْمولى عبد الْوَهَّاب الْآتِي ذكره فَوَقع بَينهمَا فِي شَيْء فَعرض فِيهِ إِلَى الْأَبْوَاب السُّلْطَانِيَّة فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْأَحَد ثَالِث شهر ربيع الأول سنة ثَلَاث عشرَة وَألف طلع إِلَى إِبْرَاهِيم باشا بعد الْعَصْر على عَادَته فأحضر السماط ثمَّ القهوة فَلَمَّا أكلُوا وَشَرِبُوا خر زين العابدين مغشيا عَلَيْهِ وَحمل إِلَى بَيته فَمَاتَ هَذَا هُوَ المستفيض على أَلْسِنَة المؤرخين وروى بَعضهم أَن مَوته كَانَ خنقا أَو غَيره وَأَنه طرح على بَاب قلعة الْجَبَل واشتهر ذَلِك فِي دمشق فَبنى عبد الْحق بن مُحَمَّد الْحِجَازِي الدِّمَشْقِي قَوْله فِي رثائه عَلَيْهِ وأبياته هِيَ هَذِه

(لم يهدموا أَرْكَان مصر وَإِنَّمَا ... هدموا بقتلك قبَّة الْإِسْلَام)

(وتناوشتك يَد الْكلاب وطالما ... خضعت لغزك صولة الضرغام)

<<  <  ج: ص:  >  >>