وَكَانَ لَهُ شهامة ودراية بالأمور تربى فِي حجر وَالِده واشتغل فِي مبدأ أمره على الْحسن البوريني والعلامتين الشهابين أَحْمد العيثاوي وَأحمد الوفائي وَعلي وَالِده وَأخذ عَن أبي الْعَبَّاس الْمقري ولازم من الْمولى السَّيِّد مُحَمَّد بن السَّيِّد مَحْمُود الْحميدِي الْمَعْرُوف بشريف قَاضِي الْعَسْكَر ونقيب الممالك العثمانية ودرس وَولي قَضَاء الركب الشَّامي وَحج وَفِي صحبته وَالِده ووالدته وَعَمَّته وأخواه وَكَانَ ذَلِك فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَألف ودرس بعدة مدارس مِنْهَا الْمدرسَة النورية الْكُبْرَى والناصرية الجوانية برتبة الدَّاخِل وَلما انْتقل وَالِده بالوفاة سَافر هُوَ وَأَخُوهُ إِبْرَاهِيم إِلَى الرّوم وتطلب فَتْوَى الشَّام فَلم يَتَيَسَّر لَهُ وَعَاد إِلَى دمشق ثمَّ فرغ لَهُ أَخُوهُ عماد الدّين الْآتِي ذكره عَن الْمدرسَة الشبلية وَبعد ذَلِك ولي تدريس السليمية وَلما مَاتَ أَخُوهُ عماد الدّين الْمَذْكُور كَانَ مفتيا فوجهت إِلَيْهِ الْفتيا بتقرير قَاضِي دمشق واختير من طرف السلطنة خَلِيل السعسعاني الْمُقدم ذكره ثمَّ فِي سنة ثَلَاث وَسبعين صَار مفتيا بعد عبد الْوَهَّاب الفرفوري وَأخذ الْفَتْوَى عَنهُ قَرِيبا الْعَلَاء الحصكفي وَأقَام هُوَ بدارهم لَا يخالط أحدا وَلم يزل منغص الْعَيْش شاكيا لدهره متلهفا على ماضي عزه ومنصبه وَرَأَيْت لَهُ ترسلات وأشعارا كَثِيرَة يتظلم فِيهَا من الزَّمَان فَمن ذَلِك قَوْله من رِسَالَة إِلَى مفتي الدولة وَالْعلم الشريف مُحِيط بمظلوميتنا الَّتِي هِيَ أبين من فلق الصُّبْح وأوضح من الضح من عزلنا ظلما وغدرا عَن خدمتنا الموروثة لنا عَن الْآبَاء من سالف الإعصار وَتَقْدِيم غير الْأَهْل بالأجبار من غير مُوجب يَقْتَضِيهِ العقوق بعد الْحُقُوق إِلَّا الْجد وَالِاجْتِهَاد بالاضطرار فِي مداراة من تحار فِي مرضاته الأفكار وَمَا هُوَ إِلَّا الدَّهْر جَار فحار برقه خلب وَهُوَ أشعب فَلذَلِك أعضب وأشعب وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَان وصنع الله أغلب
(رفعت إِلَى رحماك مولَايَ قصتي ... بنفثة مصدور وَلست ألام)
(فَأَنت الَّذِي قد شاع فِي الدَّهْر عدله ... وجود لَهُ كالجود وَهُوَ سجام)
(إِذا لم تكن أَنْت الْمعِين فَلَيْسَ لي ... سواك معِين يرتجى ويرام)
(فضع مِنْك لي هَذَا الْجَمِيل تفضلا ... فَلَيْسَ سوى صنع الْإِلَه مرام)
(وشيد عمادي واغتنم دَعْوَة الورى ... فَهَذَا رجائي وَالدُّعَاء ختام)
(فَلَا زلت فِي الْفَتْوَى وَلَا زلت ملْجأ ... لِأَنَّك للدّين القويم عِصَام)
(مدى الدَّهْر مَا حق أُعِيد لأَهله ... وَمَا ضاء نجم واستحال ظلام)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute