مُحَمَّد بن أَحْمد بن عمر بن أَحْمد بن عمر بن الشَّيْخ عَليّ الأهدل اليمني السَّيِّد الْجَلِيل الْوَلِيّ كَانَ من الكملاء الْمَشْهُورين جواداً مبذول النِّعْمَة وافر السخاء وَله فَضَائِل عديدة وأفعال حميدة وَصيته بِبِلَاد الْيمن شَائِع ذائع بِالْفَضْلِ وَالْكَرم وَكَانَت وَفَاته فِي حادي عشري ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَألف بقرية المراوعة وَدفن بهَا عِنْد أجداده بن الأهدل وَحصل عَلَيْهِ الأسف الْعَظِيم رَحمَه الله تَعَالَى
عبد الْبَاقِي بن أَحْمد بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بِابْن السمان الدِّمَشْقِي نزيل قسطنطينية صاحبنا الْفَاضِل الأديب الألمعي البارع كَانَ مفرط الذكاء قوي الحافظة وَله الِاطِّلَاع التَّام على أشعار الْعَرَب الخلص وأيامهم وأمثالهم وَكَانَ يحفظ مِنْهَا شَيْئا كثيرا وَقد عاينته مَرَّات وَهُوَ يسْرد من أشعارهم ألف بَيت أَو أَكثر من غير أَن يزِيغ عَن نهجه أَو يشرق بريقه وَكَانَت فكرته جَيِّدَة فِي النَّقْد والغوص على الْمعَانِي وَحسن التَّأْدِيب وَله تصانيف كَثِيرَة لم يكمل مِنْهَا إِلَّا شرح الْأَسْمَاء الْحسنى وَشرح شَوَاهِد الجامي ومختصر التَّهْذِيب فِي الْمنطق وَكَانَ شرع فِي كتاب سَمَّاهُ سرقات الشُّعَرَاء كتب مِنْهُ حِصَّة يسيرَة وَلَو تمّ لجاء كتابا عجيباً وَجمع سَبْعَة مجاميع بِخَطِّهِ تحتوي على كل تَحْقِيق وأدب وَشرع قريب مَوته فِي الْجَمِيع بَين الصَّحِيحَيْنِ البُخَارِيّ وَمُسلم وَمَات وَلم يكمله وَبِالْجُمْلَةِ فقد كَانَ فِي التآليف وَاقِفًا تَحت قَول المتنبي
(وَلَيْسَ بِأول ذِي همة ... دَعَتْهُ لما لَيْسَ بالنائل)
وَكَانَ فِي أول أمره قَرَأَ النَّحْو وَالْفِقْه بِدِمَشْق على الْفَقِيه الْمَشْهُور أَحْمد القلعي ثمَّ فَارق دمشق وَهُوَ غض الحداثة مقتبل الشبيبة وَدخل الْقَاهِرَة فِي حُدُود سنة إِحْدَى وَسبعين وَألف واشتغل بهَا على الشَّيْخ عبد الْبَاقِي بن غَانِم الْمَقْدِسِي الْآتِي ذكره وعَلى السَّيِّد أَحْمد بن مُحَمَّد الْحَمَوِيّ الْمصْرِيّ وَعَلِيهِ تخرج فِي الْأَدَب وبرع ثمَّ خرج مِنْهَا إِلَى الرّوم وتصرفت بِهِ أَحْوَال كَثِيرَة وأسفار عديدة وَلم يبْق بَلْدَة من أُمَّهَات بِلَاد الرّوم حَتَّى دَخلهَا وَوصل إِلَى جَزِيرَة كريد والوزير الْفَاضِل منازلها فمدحه بقصيدة ومطلعها
(أخف النَّوَى مَا سهلته الرسائل ... وَأحلى الْهوى مَا كررته العواذل)
يَقُول فِيهَا
(يعيرني قومِي بقومي ومحتدي ... كَمَا عيب بالعضب الصَّقِيل الحمائل)
(أجل حسدوني حَيْثُ فضلت دونهم ... وَكم حسدت فِي النَّاس قبلي الأفاضل)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute