المتوقد فى فهم المشكلات وَحل رموزها وصائب الْفِكر المتوهج فى فك طلاسمها وَفتح كنوزها
(يحل رموزا لَا يرى من يحلهَا ... وَمَا شَذَّ فهما من كَلَام الاوائل)
طرز حلل الْعُلُوم بوشى أرقامه وَرمى أغراض الْفُنُون بسهام أقلامه
(سِهَام اذا مَا راشها ببنانه ... أُصِيب بهَا قلب البلاغة والنحر)
صفت عَن قذى الْخَطَأ منا هَل أنظاره وَصحت من غمام الأوهام آفَاق افكاره وَشرح ببراعة يراعته صُدُور المهارق وأتى من معجزات البلاغة بالخوارق ان نظم أزرى بِعقد الثريا أَو نثر أخجل زهر الرَّوْض الباسم الْمحيا اذا نطق يطلع نور الْفضل من أفق بَيَانه أَو كتب يجرى زلال الادب من ميزاب قلمه ببنانه
(قلم أَقَامَ وَلَفظه متداول ... مَا بَين مشرق شمسها وَالْمغْرب)
الى أَن قَالَ ألْقى عَلَيْهِ الشّرف رِدَاءَهُ وَالْمجد سرباله فاستسعد بِخِدْمَة نعل النبى عَلَيْهِ سَلام الله مَا هبت الصِّبَا فطوبى لَهُ وناهيك بنعلين لَو أَن الفرقدين حازا أملا لَهما أَن يَكُونَا مِنْهُمَا بَدَلا يَا لَهُ من مَجْمُوع جمع أنواعا وأجناسا من المحاسن وَجرى مَاء البلاغة فى جداول سطوره غير آسن نفث فى عقد الْعُقُول بسحره وسبى أَفْئِدَة البلغاء بنظمه ونثره شفت ظروف حُرُوف مبانيه فَنمت على سلافة لطافة مَعَانِيه كَمَا نم الزّجاج على الرَّحِيق والنسيم على شذى الرَّوْض الانيق
(انى لَا قسم لَو تجسم لَفظه ... أنفت نحور الغانيات الجوهرا)
فَكَانَ البلاغة قَالَت لَا أعصى لَك أمرا وبحور الشّعْر أَطَاعَته فاستخرج مِنْهَا جوهرا ودرا فرشحات تِلْكَ الاقلام نافثات الْمسك ندها
(والعنبر الرطب غَدا قَائِلا ... لَا تدعنى الا بياعبدها)
وَلما استكشفت وُجُوه عرائس مَعَانِيه المخبأة تَحت براقع أسجاعه وقوافيه لمحت ربات جمال قد حسرت لثامها عَن منظر متهلل باسم فتمسكت بِشعر الاديب الناثر النَّاظِم أَبى الْفَتْح كشاجم
(شخص الانام الى صليعك فاستعذ ... من شَرّ أَعينهم بِعَين الْوَاحِد)
فتيقنت ان ارادة التقريظ باجالة جواد الْقَلَم فى ذَلِك المجال لَيْسَ الا للاستعاذة من شرعين الْكَمَال فَمَا أحقنى بقول من قَالَ
(جعلت تقريظى لَهُ عوذة ... تقيه من شَرّ أَذَى الْعين)