انْتهى وَمن بدائعه الفائقة تراجم أَنْشَأَهَا وَترْجم بهَا بعض الوزراء ومشايخ الاسلام وَبَعض الموالى وَالْكتاب وَالْعُلَمَاء وَكلهَا لَا تنوف على الْعشْرين تَرْجَمَة بِكَثِير وهى مَجْمُوعَة عندى فى دفتر من أَمَاكِن مُتَفَرِّقَة وَقد ذكرت مِنْهَا فى محالها بَعْضًا وسأذكر الْبَعْض الآخر ان شَاءَ الله تَعَالَى فانها من نفائس القَوْل وأعجبها التَّرْجَمَة الوهابية ترْجم بهَا أَحْوَال القاضى عبد الْوَهَّاب قاضى الْقُضَاة بِالشَّام كَانَ وَقد ذكر الخفاجى قِطْعَة مِنْهَا عِنْد مَا تَرْجمهُ فى كِتَابه الريحانه وَهَذِه هى برمتها بعد ذكر اسْم المترجم ضَاعَت أوقاته وغلبت على حَسَنَاته سيئاته تمحض للفحص عَن أَحْوَال النَّاس وأخبارهم وتفرغ لنبش خباياهم وأسرارهم يسْأَل من يدْخل عَلَيْهِ عَن الوقائع والحوادث ويشرع فى الْبَحْث عَن النَّاس وَفِيه مبَاحث شعر
(وَلَو نظر العياب فى عيب نَفسه ... لَكَانَ لَهُ شغل عَن النَّاس شاغل)
لَعَلَّه لم يعلم أَن من غربل النَّاس نخلوه وَأَن من أظهر لَهُم الصعوبة ذللوه فيا لهفى على اضاعة بضَاعَة أوقاته بَين حَدِيث غث وَكَلَام رث تمجه نفس السَّامع وتتلوث بِهِ المسامع وَبَين تَدْبِير الاكل وَالشرب وَالْحَالة انه يكفى الانسان لقْمَة تقيم الصلب
(أَظُنك من بَقِيَّة قوم مُوسَى ... فهم لَا يصبرون على طَعَام)
وَلَقَد رَأَيْته وَهُوَ يُكَرر ابتلاع الجوارش وَلَاء وَذَلِكَ لدفع التُّخمَة احْتِيَاطًا وان اسْتَحَالَ أَن تحس تِلْكَ الْمعدة امتلاء لعمرى لَو أكل لُقْمَان العادى ذَلِك الْقدر مِنْهُ لقضى نحبه من التخم ولألقى رَحْله الى حَيْثُ أَلْقَت رَحلهَا أم قشعم وليت شعرى مَا يلْزمه عنيف اكل حَتَّى تشبث فى هضمه بأذيال الجوارشات وَكَانَ قد وَجب عَلَيْهِ حَيْثُ انه مغرم بالاكل أَن يتحاشى اكثاره لَان الْعَامَّة تَقول رب اكلة تمنع اكلات
(وَلَيْسَ الاكل بالقنطار لَكِن ... على مِقْدَار مَا تسع الْبُطُون)
وَلَو رَأَيْته اذا حضر عِنْده الطَّعَام لرأيته حوتى الالتقام خطا فى الاختطاف ثعبانى الجذبات غضنفرى الوثبات وَكَانَ الْحَيَاة على زَعمه لَيست مخلوقة الا للشُّرْب والاكل وان الانسانية فى اعْتِقَاده مَا هى الا عبارَة عَن الْهَيْئَة والشكل وان سَاعَات اللَّيْل وَالْيَوْم مَا وضعت الا للسّنة وَالنَّوْم فيا ضَيْعَة الاعمار تمضى سَبَهْلَلا من زَارَهُ زار شَيخا ملآن الحشا متتابع التمطى والجشا وارحمتا لمجالسيه من الروائح الَّتِى تهب من فِيهِ وَكَانَ يواظب على مَجْلِسه فى خوانه أتراك بَلَده وَمَا يَليهَا من أخدانه واخوانه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute