للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

القسام بِدِمَشْق كَانَ من أَفْرَاد الزَّمَان ومحاسن الايام انْتَهَت اليه الْمعرفَة بِأُمُور الْكِتَابَة والتوريق والانشاء والحساب مَعَ مُشَاركَة تَامَّة فى فنون الادب وَغَيرهَا وَله النّظم الْجيد جَالس جدى القاضى محب الدّين وَقَرَأَ عَلَيْهِ كثيرا وعَلى غَيره كالحسن البورينى وتأدب بالشمس مُحَمَّد الصالحى الهلالى الشَّاعِر الْمَشْهُور وَكَانَ مليح الْعبارَة فى انشاء الوثائق جيد الفكرة لطيف المحاورة وَكتب الْكثير وَكَانَ كثير المحفوظات عَجِيب الايراد وَله تشيع وَكتب النَّاس عَنهُ كثيرا من نظمه ونثره وقرأت فى بعض مجاميعه بِخَطِّهِ قَالَ جرى لى يَوْمًا فى بعض الاندية أَنه ذكر أشج بنى مَرْوَان عمر ابْن عبد الْعَزِيز وَمَا فعله وَهُوَ خَليفَة من أمره بالكف عَن لعن أَمِير الْمُؤمنِينَ على ابْن أَبى طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ على المنابر مُدَّة تزيد على سبعين عَاما كَمَا هُوَ مَشْهُور وتلاوة قَوْله تَعَالَى ان الله يَأْمر بِالْعَدْلِ والاحسان الى آخر الْآيَة عقيب انْتِهَاء خطْبَة يَوْم الْجُمُعَة وَصَارَ هَذَا دأب الخطباء فى جَمِيع الامصار وانجر الْكَلَام من بعض من حضر الى مَا نظمه الشريف الرضى الموسوى فى هَذَا الْمَعْنى بقوله من أَبْيَات يُخَاطب بهَا عمر بن عبد الْعَزِيز

(يَا ابْن عبد الْعَزِيز لَو بَكت ... الْعين فَتى من أُميَّة لبكيتك)

الى آخر الابيات فنظمت هَذِه الابيات وهى من أحسن الشّعْر وأجوده

(أشج بنى مَرْوَان لله دره ... لقد كف عَن سبّ الامام الْمفضل)

(خَليفَة خير النَّاس والاول الذى ... دَعَاهُ رَسُول الله فى كل معضل)

(على أَمِير الْمُؤمنِينَ وصنوه ... وناصره فى يَوْم زحف ومحفل)

(لقد خصّه فى فتح مَكَّة بالاخا ... وبالراية الْعُظْمَى وناهيك من على)

(غَدَاة دَعَاهُ مر حب يَوْم خَيْبَر ... فجلله بِالسَّيْفِ وَالْحَرب تصطلى)

(وفى يَوْم أحزاب أَتَى بفضيلة ... بقتل ابْن ود العامرى المضلل)

(وفى الْحَرْب يَوْم النهروان لقد شفى ... غليلا وحرقوص يجول بمفصل)

(فَأَلْقَاهُ مطروحا صَرِيعًا مجدلا ... كاصحابه النائين عَن نهج مُرْسل)

(أَتَاهُم فلاقاهم رجَالًا خوارجا ... فأرداهم طرا بِغَيْر تمهل)

(وَلم ينج من صماصمه غير سَبْعَة ... وَكلهمْ باؤا باثم معجل)

(كأشقى مُرَاد نَالَ خزيا وذلة ... بقتل امام عَارِف متبتل)

(عَلَيْهِ من الله الْمُهَيْمِن لعنة ... مدى الدَّهْر مَا هبت نسيمات شمأل)

<<  <  ج: ص:  >  >>