للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَقَد رَأَيْت جمَاعَة من الآخذين عَنهُ وكل وَاحِد مِنْهُم يتغالى فى مدحه مغالاة زَائِدَة وَقَالُوا فية مَعَ فضيلته غَفلَة وَصُورَة بله فى الظَّاهِر من حَاله حَتَّى قَالُوا انه كَانَ يَوْمًا فى مجْلِس أحد قُضَاة دمشق فَدخل العاضل الاديب عبد اللَّطِيف بن يحيى المنقارى الآتى ذكره قَرِيبا ان شَاءَ الله تَعَالَى وَجلسَ فى الْجَانِب الْمُقَابل لَهُ فَقَالَ لَهما القاضى فى اثناء المخاطبة الْحَمد لله حصل لنا اللطف من كلا الْجَانِبَيْنِ فَأَنْشد الجالقى

(وفى الْحَيَوَان يشْتَرك اضطرارا ... ارسطا لَيْسَ وَالْكَلب الْعَقُور)

فَقَالَ المنقارى الشق الاول لنا والثانى لكم فَخَجِلَ وَأخذ يعْتَذر عَن هفوته وَله من هَذَا الْقَبِيل أَشْيَاء اخر وَمَعَ ذَلِك فَالْقَوْل فِيهِ انه بركَة من بَرَكَات الزَّمَان وَكَانَت وِلَادَته فى سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَتوفى يَوْم الثُّلَاثَاء ثانى عشر الْمحرم سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَألف بعلة الاسهال وَأوصى عِنْد الاحتضار أَن يُقَال عِنْد الصَّلَاة عَلَيْهِ الصَّلَاة على العَبْد الْفَقِير الحقير خَادِم الْعلم الشريف عبد اللَّطِيف ونفذت وَصيته وَدفن بمقبرة الفراديس رَحمَه الله تَعَالَى

عبد اللَّطِيف بن عبد الْمُنعم بن زين الدّين بن يُونُس بن مُحَمَّد العجلونى الاصل الدمشقى المولد الْمَعْرُوف بِابْن الجابى الْفَقِيه القاضى الشافعى كَانَ أَبوهُ تَاجِرًا فى المصوغات بصاغة دمشق وَنَشَأ هُوَ وَقَرَأَ ودأب وَأخذ عَن الْبَدْر الغزى والْعَلَاء ابْن عماد الدّين والشهاب الفلوجى والشهاب أَحْمد بن أَحْمد بن أَحْمد الطيبى وتلقى عَنهُ القرا آتٍ والعربية وَالْفِقْه حَتَّى فضل وَكَانَ الطيبى فِيهِ علاقَة وسعى لَهُ فى وَظِيفَة الْوَعْظ يَوْم الثُّلَاثَاء بالجامع الاموى وَكَانَ فصيح اللِّسَان فى الْوَعْظ وَفرغ لَهُ عَن خطابة التوريزية وَغَضب عَلَيْهِ آخرا فسعى فى أَخذهَا عَنهُ وَولى عبد اللَّطِيف نِيَابَة الْقَضَاء بمحكمة الْكُبْرَى ثمَّ نقل الى الْبَاب بعد موت القاضى تقى الدّين الزهيرى وسافر الى الرّوم وَرجع وَمَعَهُ بَرَاءَة بتدريس الشامية البرانية عَن عَم أَبى القاضى عبد اللَّطِيف وَقَضَاء الشَّافِعِيَّة بِالْبَابِ بعد ان كَانَ وَجه للقاضى مَحْمُود الْعَدْوى الزوكارى فَسلمت اليه النِّيَابَة وَلم تسلم لَهُ الْمدرسَة ثمَّ وجهت اليه الْمدرسَة بعد مُدَّة من جَانب ابْن عزمى وَلم تبْق مَعَه الا قَلِيلا حَتَّى جَاءَت عَنهُ لِلْحسنِ البورينى وبقى ابْن الجابى نَائِبا الى أَن مَاتَ وَكَانَ سيئ السِّيرَة متهاونا فى أُمُور الشَّرْع وَكَانَ يَأْكُل البرش وَكَانَ ثقيلا جدا حَتَّى لقب بشباط وَفِيه يَقُول النَّجْم الغزى

(مَا زَالَ اشباط بكيفية ... مختلة فى حَال اخباط)

<<  <  ج: ص:  >  >>