(يهذى على النَّاس كَمَا يشتهى ... وَالنَّاس كانون باشباط)
وكانون فى الْبَيْت بِفَتْح النُّون جمع كَانَ قَالَ فى الصِّحَاح رجل كَانَ وَقوم كانون وَهُوَ من كنيت عَن الشئ اذا أخْبرت عَنهُ وَلم تصرح باسمه وَمِمَّا قيل فى التَّعْرِيض بِهِ بَيْتا الشاهينى وهما
(حركات حاكمنا وَقد بلغت ... فى الْبرد أقْصَى غَايَة الامد)
(حركات غيم شباط حِين بدا ... ملآن من ثلج وَمن برد)
وَكَانَ ينظم الشّعْر وَلَقَد رَأَيْت لَهُ أشعارا كَثِيرَة فى مَجْمُوع كَبِير بِخَطِّهِ وَلم أستحسن لَهُ الا هَذِه الْقطعَة من قصيدة مدح بهَا ابْن عزمى وَالْحق انها من سَائِغ الْمَقُول ومطلعها
(مَا كَانَ يخْطر قطّ فى أوهامى ... ان الاسود مصايد الآرام)
(قف حَيْثُ فوقت اللحاظ سهامها ... وَانْظُر لمرمى هُنَاكَ ورامى)
(وسل الامان فكم خلى فارغ ... أَمْسَى قَتِيل محبَّة وغرام)
(لله مَا بِالْقَلْبِ والاحشاء من ... حرق وَمَا بالجسم من أسقام)
(ومدامع تهمى فيحرق لدغها ... خدى وَمن يقوى للدغ هوَام)
(وبمهجتى الْبَدْر الذى وجناته ... وعذاره كالورد والنمام)
(الْقَاتِل الآلاف من عشاقه ... عمدا بِلَا جرح وَلَا آثام)
(ان لم يكن بمثقل ومحدد ... فبسحر الحاظ وسحر كَلَام)
(باللحظ مِنْهُ غنيت عَن زهر وَعَن ... خمر فَمِنْهُ نرجسى ومدامى)
(فى خَدّه لَام تجر الى الْهوى ... فالقلب مجرور تِلْكَ اللَّام)
(ظبى من الاتراك مرعاه الحشا ... والمورد الدمع الغزير الهامى)
(عرف المُرَاد من الدُّمُوع فَلم يزل ... يرنو لعاشقه بِطرف ظامى)
وقرأت بِخَطِّهِ هَذِه الابيات خَاطب بهَا بعض من تصدر من غير أهل التصدر
(أَرَاك تلوم النَّاس بِالنَّقْصِ مِنْهُم ... وَأَنت لعمرى أنقص النَّاس فى الذّكر)
(فان أَنْت فى جمع حضرت وَبينهمْ ... افاضل لم تنطق بشئ سوى الْحصْر)
(فَأَنت كنون الْجمع حَال اضافة ... وان شِئْت بل مثل القلامة من ظفر)
ونقلت من خطه اعجوبة ذكرانه رَآهَا بِجَزِيرَة ساقز وَهُوَ رَاجع من الرّوم بحرا وهى شجر يحمل بطيخا أصفر يعْنى الخربز والقاوون أشبه مَا يكون بشجر التوت وعَلى هامشه وأعجب مِنْهُ مَا رَأَيْت فى جَزِيرَة مرمرة وهى جَزِيرَة بَين مَدِينَة