كليبولى وبغاز حصارى يخرج من قاع الْبَحْر عين زَيْت طيب ويعلو الى وَجه الْبَحْر لَا يَنْقَطِع مدى الدَّهْر أبدا رَأَيْتهَا بعينى مرَّتَيْنِ من غير شكّ فى طعمه ورائحته انْتهى وَكَانَت وَفَاته نَهَار السبت ثانى شعْبَان سنة سِتّ وَعشْرين وَألف
عبد اللَّطِيف بن مُحَمَّد محب الدّين ابْن ابى بكر تقى الدّين عَم أَبى القاضى عبد اللَّطِيف ابْن القاضى محب الدّين أحد فضلاء الزَّمَان البارعين كَانَ فِيمَا أعلم من أَحْوَاله دراية وخبرا من أنبل أهل عصره معرفَة واتقانا وجمعية للفنون وَكتب الْكثير بِخَطِّهِ وَضبط وَرَأَيْت من متملكاته الَّتِى وقف اكثرها أخر أمره مَا يُقَارب مائَة وَخمسين كتابا وغالبها بِخَطِّهِ فَمَا وجدت كتابا مِنْهَا خَالِيا من تَصْحِيح وتحرير لَهُ وَألف تآليف تدل على تمكنه واحاطته مِنْهَا تَفْسِير على سُورَة الْفَتْح وَكتاب جمعه فى خَمْسَة عُلُوم التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْفِقْه والتصوف والادب وَفِيه أَشْيَاء جَيِّدَة الى الْغَايَة طالعته كثيرا وانتفعت بِهِ وَبِالْجُمْلَةِ فَمن رأى كِتَابه هَذَا عرف مِقْدَاره من الْفضل واكثر قِرَاءَته على وَالِده وَلما قدم الشَّام مَعَ أَبِيه حضر عِنْد الْبَدْر الغزى وَأخذ عَنهُ وَله مَشَايِخ كَثِيرَة وسافر الى الرّوم وَأقَام بهَا مُدَّة ونال فى صر مَكَّة دِينَارا ذَهَبا كل يَوْم غير مَا ناله من الْقَمْح المجهز الى الْحَرَمَيْنِ من مصر وسافر فى أَوَاخِر الالف الى مَكَّة بنية الْمُجَاورَة وجاور سنة أَو سنتَيْن وَصَحب بِمَكَّة السُّلْطَان مَسْعُود بن الشريف حسن بن أَبى نمى وَصَارَ لَهُ حظوة عِنْدهم ومدحهم بعدة قصائد وَتزَوج ثمَّة ثمَّ اقْتضى رَأْيه انه تفرغ عَن الصر الْمَذْكُور وَعَاد الى دمشق ثمَّ سَافر مِنْهَا الى الرّوم وَولى قَضَاء حماة وَحصل مِنْهَا مَالا طائلا ثمَّ بعد عَزله مِنْهَا قدم دمشق وتديرها وَعمر دَاره الْمَعْرُوفَة بِهِ بسوق العنبرانيين عِنْد بَاب الْجَامِع الاموى وَكَانَ مَحل الْبَيْت خَانا يعرف بخان الخرفان وقف بعض الْمكَاتب فَاشْترى اقلاده من الشهَاب أَحْمد الوفائى متولى الْمكتب واحتكر أرضه بِأُجْرَة ثمَّ هَدمه وعمره بَيْتا واقتنى طاحونا وَبَيت قهوة خَارج بَاب السَّلامَة وبساتين فى بَيت لهيا ووقفها على قراء ومدرس ومرتزفة يُعْطون علوفات عينهَا لَهُم وَشرط أَن يكون الْمدرس الشَّيْخ أَحْمد الوفائى الْمَذْكُور وَولى نِيَابَة الْبَاب فِيمَا بَين مَرَّات وَقَضَاء الْقِسْمَة العسكرية وَكَانَ لَهُ عفة ونزاهة وَلما مَاتَ وَالِده وَجه اليه الْمولى ابراهيم بن على الازنيقى قاضى قُضَاة الشَّام الْمدرسَة الشامية البرانية عَنهُ وَكَانَ بِيَدِهِ قبل ذَلِك تدريس الظَّاهِرِيَّة فَجمع لَهُ بَينهمَا ثمَّ تفرغ عَن الظَّاهِرِيَّة وَبقيت الشامية فى يَده وَأَخذهَا عَنهُ القاضى