للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فقال: انثرار كأنه انفعال من ينثره نثراً. وهذا وهم بيِّن! وأين علم أبي علي - رحمه الله - بالتصاريف ونون انفعال زائدة؛ وإنما انثرار من الثرّ، وهو الغزير الكثير؛ ومنه قولهم: " عين ثرة " ويحتمل أن يكون افعلالاً من نثر إن كان مسموعاً.

* * * وفي " ص ١٩٣ س ١٧ و ١٨ " وأنشد أبو علي - رحمه الله - للبعيث:

ألا طَرَقَتْ لَيْلَى الرِّفَاقَ بغَمْرَةٍ ... ومِنْ دُون لَيْلَى يَذْبُلٌ فالقَعَاقِعُ

على حِينَ ضَمَّ الليلُ من كل جانبٍ ... جَنَاحَيْه وَانْصَبَّ النجومُ الخَوَاضِعُ

في أبيات أنشدها.

خلَّط أبو علي - رحمه الله - في البيت الأول فأتى به من بيتين؛ وصحَّة إنشاده وموضوعه:

ألا طَرَقَتْ لَيْلَى الرِّفَاقَ بغَمْرَةٍ ... وقد بَهَرَ الليلَ النُّجُومُ الطوالعُ

وأَنَّي اهْتَدَيتْ لَيْلَى لعُوجٍ مُنَاخَهٍ ... ومِنْ دُون لَيْلَى يَذْبُلٌ فالقَعَاقِعُ

وقد وهم أيضا في البيت الثاني فأنشده: " وانصبَّ النجوم الخواضع " وإنما هو: "..وانصب النجوم الطوالع " ويروى: " وانقضَّ النجوم الطوالع " ولا يستقيم أن يكون: " ... وانصبّ النجوم الخواضع " لأن الخواضع هي المُنْصَبّةُ، فكيف يستقيم أن يقول: وانصب النجم المنصبُّ. والخاضع: المطأطئ رأسه الخافض له؛ وكذلك فُسِّر في التنزيل. وإنما يريد الشاعر أن الليل قد أدبر، وانقضَّ للغروب ما كان طالعاً في أوله؛ ألا ترى قوله: " عل حين ضمَّ الليل من كل جانب جناحيه..الخ، أي كف ظلمته وضم منتشرها مدبراً؛ وأيضاً فإن الذي يلي هذا البيت من القصيدة قوله:

بَكَى صاحِبي من حاجةٍ عَرَضَتْ لَهُ ... وهُنَّ بأَعْلَى ذي سُدَيْر خَواضِعُ

<<  <   >  >>