فهذه الخمس والثلاث إن شا صلاها بقعود واحد وتسليمة واحدة كما في النوع الثاني وإن شاء صلاها بقعود بين كل ركعتين بدون سلام كما في النوع الرابع وإن شاء سلم بين كل ركعتين وهو الأفضل كما في النوع الثالث وغيره قال الحافظ محمد ابن نصر المروزي رحمه لله في " قيام الليل ":
فالذي نختاره لمن صلى بالليل في رمضان وغيره أيسلم بين كل ركعتين حتى إذا أراد أن يصلي ثلاث ركعات يقرأ في الركعة الأولى بسبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية بقل يا أيها الكافرون ويتشهد في الثانية ويسلم ثم يقوم فيصلي ركعة يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد والمعوذتين (ثم ذكر بعض الأنواع المتقدمة) ثم قال: وكل ذلك جائز أن يعمل به اقتداء به صلى الله عليه وسلم غير أن الاختيار ما ذكرنا لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن صلاة الليل أجاب:
أن صلاة الليل مثنى مثنى " فاخترنا ما اخار هو لأمته وأجزنا فعل من اقتدى به ففعل مثل فعله إذا لم يرو عنه نهى عن ذلك ". ثم قال:
فالعمل عندنا بهذه الأخبار كلها جائزة وإنما اختلفت لأن الصلاة بالليل تتطوع: الوتر وغير الوتر فكان ننن تختلف صلاته بالليل ووتره على ما ذكرنا: يصلي أحيانا هكذا وأحيانا هكذا كل ذلك جائز حسن فأما الوتر بثلاث ركعات فإنا لم نجد
[١٠٨]
عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرا ثابتا مفسرا أنه أوتر بثلاث لم يسلم إلا في آخرهن كما وجدنا في الخمس والسبع والتسع غير أننا وجدنا عنه أخبارا أنه أوتر بثلاث لا ذكر للتسليم فيها
ثم ساق بسنده الصحيح عن ابن عباس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث يقرأ بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد " ثم قال:
وفي الباب عن عمران بن حصين وعائشة وعبد الرحمن بن أبزى وأنس بن مالك قال: فهذه أخبار مبهمة يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد سلم في الركعتين من هذه الثلاث التي روي أنه أوترها لأنه جائز أن يقال لمن صلى عشر ركعات يسلم بين كل ركعتين: فلان صلى عشر ركعات والأخبار المفسرة التي لا تحتمل إلا معنى
[١٠٩]
واحدا أول أن تتبع ويحتج بها غير أنا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خير الموتر بينأن يوتر بخمس أو بثلاث أو بواحدة وروينا عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوتر بثلاث لم يسلم إلا في آخرهن فالعمل بذلك جائز والاختيار ما بينا
ثم قال:
فالأمر عندنا أن الوتر بواحدة وبثلاث وخمس وسبع وتسع كل ذلك ائز حسن على ما روينا من الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده والذي نختار من وصفنا من قبل فإن صلى رجل العشاء الآخرة ثم أراد أن يوتر بعدها بركعة واحدة لا يصلي قبلها شيئا فالذي نختاره له ونستحبه أن يقدم قبلها ركعتين أو أكثر ثم يوتر بواحدة فإن هو لم يفعل وأوتر بواحدة جازذلك وقد روينا عن غير واحد من علية أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنهم فعلوا ذلك وقد كره ذلك مالك وغيره وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أولى بالاتباع