قَالَ الشَّيْخ مُحَمَّد حَيَاة وَنقل عَن شرح مُسلم أَن سنة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَوله الصَّحِيح أولى وَأفضل من قَول الْمُجْتَهد وَفِي شرح الْمُهَذّب للنووي إِذا ثَبت الحَدِيث على خلاف قَول الْمُقَلّد وفتشته فَلم تَجِد لَهُ مُعَارضا وَكَانَ المفتش لَهُ أَهْلِيَّة فَإِنَّهُ يتْرك قَول صَاحب الْمَذْهَب وَيَأْخُذ بِالْحَدِيثِ وَيكون حجَّة للمقلد فِي ترك مَذْهَب مقلده
وَفِي قوت الْقُلُوب وَمن محبَّة الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِيثَار سنته على الرَّأْي والمعقول انْتهى
وَقَالَ الشعراني فِي الْمِيزَان فَإِن قلت فَمَا أصنع بالأحاديث الَّتِي صحت بعد موت إمامي وَلم يَأْخُذ بهَا فَالْجَوَاب يَنْبَغِي لَك أَن تعْمل بهَا فَإِن إمامك لَو ظفر بهَا وَصحت عِنْده لربما كَانَ أَمرك بهَا فَإِن الْأَئِمَّة كلهم أسرى فِي يَد الشَّرِيعَة وَمن فعل ذَلِك فقد حَاز الْخَيْر بكلتا يَدَيْهِ وَمن قَالَ لَا أعمل بِحَدِيث إِلَّا أَن أَخذ بِهِ إمامي فَاتَهُ خير كثير كَمَا عَلَيْهِ كثير من المقلدين لأئمة الْمذَاهب وَكَانَ الأولى لَهُم الْعَمَل بِكُل حَدِيث صَحَّ بعد إمَامهمْ تنفيذا لوَصِيَّة الْأَئِمَّة فَإِن اعتقادنا فيهم أَنهم لَو ظفروا بِتِلْكَ الْأَحَادِيث الَّتِي صحت بعدهمْ لأخذوا بهَا وَعمِلُوا بهَا وَيحْتَمل أَن الَّذِي أضَاف إِلَى الإِمَام أبي حنيفَة أَنه يقدم الْقيَاس على النَّص إِنَّمَا ظفروا بذلك فِي كَلَام مقلديه الَّذين يلتزمون الْعَمَل بِمَا وجدوه عَن إمَامهمْ من الْقيَاس ويتركون الحَدِيث الَّذِي صَحَّ بعد موت الإِمَام فالإمام مَعْذُور وَأَتْبَاعه غير معذورين وَقَوْلهمْ إِن إمَامهمْ لم يَأْخُذ بِهَذَا الحَدِيث لَا ينتهض حجَّة لاحْتِمَال أَنه لم يظفر بِهِ أَو ظفر بِهِ لكنه لم يَصح عِنْده وَقد تقدم أَن الْأَئِمَّة كلهم قَالُوا إِذا صَحَّ الحَدِيث فَهُوَ مَذْهَبنَا وَلَيْسَ لأحد قِيَاس وَلَا حجَّة إِلَّا طَاعَة الله تَعَالَى وَرَسُوله ص وَهَذَا الْأَمر الَّذِي ذَكرْنَاهُ يَقع فِيهِ كثير من النَّاس فَإِذا وجدوا عَن أَصْحَاب إِمَام مَسْأَلَة جعلوها مذهبا لذَلِك الإِمَام وَهُوَ تهور فَإِن مَذْهَب الإِمَام حَقِيقَة هُوَ مَا قَالَه وَلم يرجع عَنهُ إِلَى أَن مَاتَ لَا مَا فهم أَصْحَابه من كَلَامه فقد لَا يرى الإِمَام ذَلِك الْآمِر الَّذِي فهمه من كَلَامه وَلَا يَقُول بِهِ لَو عرض عَلَيْهِ فَعلم أَن من عزى إِلَى الإِمَام كل مَا فهم من كَلَامه فَهُوَ جَاهِل بِحَقِيقَة الْمذَاهب انْتهى
وَقَالَ إِسْمَاعِيل بن يحيى الْمُزنِيّ فِي أول مُخْتَصره اختصرت هَذَا من علم الشَّافِعِي وَمن معنى قَوْله لأقربه على من أَرَادَهُ لإعلامه نَهْيه عَن تَقْلِيده وتقليد غَيره لينْظر فِيهِ لدينِهِ ويحتاط فِيهِ لنَفسِهِ انْتهى