الثَّانِي أَنه عين المستن بهم بِأَنَّهُم خير الْخلق وَأبر الْأمة وأعلمهم وهم الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَأَنْتُم معاشر المقلدين لَا ترَوْنَ تقليدهم وَلَا الاستنان بهم وَإِنَّمَا ترَوْنَ تَقْلِيد فلَان وَفُلَان مِمَّن هُوَ دونهم بِكَثِير الثَّالِث أَن الاستنان بهم هُوَ الِاقْتِدَاء بهم وَهُوَ أَن يَأْتِي الْمُقْتَدِي بِمثل مَا أَتَوا بِهِ وَيفْعل كَمَا فعلوا وَهَذَا مُبْطل قبُول قَول أحد بِغَيْر حجَّة كَمَا كَانَ الصَّحَابَة عَلَيْهِ الرَّابِع أَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قد صَحَّ عَنهُ النَّهْي عَن التَّقْلِيد وَأَن يكون الرجل إمعة لَا بَصِيرَة لَهُ فَعلم أَن الاستنان عِنْده غير التَّقْلِيد
الْوَجْه السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ قَوْلكُم قد صَحَّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ عَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين من بعدِي وَقَالَ اقتدوا باللذين من بعدِي فَهَذَا من أكبر حجَجنَا عَلَيْكُم فِي بطلَان مَا أَنْتُم عَلَيْهِ من التَّقْلِيد فَإِنَّهُ خلاف سنتهمْ وَمن الْمَعْلُوم بِالضَّرُورَةِ أَن أحدا مِنْهُم لم يكن يدع السّنة إِذا ظَهرت بقول غَيره كَائِنا مَا كَانَ وَلم يكن لَهُ مَعهَا قَول الْبَتَّةَ وَطَرِيقَة فرقة التَّقْلِيد خلاف ذَلِك
يُوضحهُ الْوَجْه السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ أَنه ص قرن سنتهمْ بسنته فِي وجوب الِاتِّبَاع وَالْأَخْذ بسنتهم لَيْسَ تقليدا لَهُم بل اتِّبَاع لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَمَا كَانَ الْأَخْذ بِالْأَذَانِ لم يكن تقليدا لمن رَآهُ فِي الْمَنَام وَالْأَخْذ بِقَضَاء مَا فَاتَ الْمَسْبُوق من صلَاته بعد سَلام الإِمَام لم يكن تقليدا لِمعَاذ بل اتبَاعا لمن أمرنَا بِالْأَخْذِ بذلك فَأَيْنَ التَّقْلِيد الَّذِي أَنْتُم عَلَيْهِ من هَذَا