بالاضطرار أَن مَا أَنْتُم عَلَيْهِ من التَّقْلِيد الَّذِي ترك لَهُ كتاب الله سُبْحَانَهُ وَسنة رَسُوله ص ويعرض الْقُرْآن وَالسّنة عَلَيْهِ ويجعله معيارا عَلَيْهِمَا من أعظم المحدثات والبدع الَّتِي برأَ الله سُبْحَانَهُ مِنْهَا الْقُرُون الَّتِي فَضلهَا وَخَيرهَا على غَيرهَا وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا سنه الْخُلَفَاء الراشدون أَو أحدهم للْأمة فَهُوَ حجَّة وَلَا يجوز الْعُدُول عَنْهَا فَأَيْنَ هَذَا من قَول فرقة التَّقْلِيد لَيست سنتهمْ حجَّة وَلَا يجوز تقليدهم فِيهَا
يُوضحهُ الْوَجْه الْخَمْسُونَ أَنه ص قَالَ فِي نفس هَذَا الحَدِيث فَإِنَّهُ من يَعش مِنْكُم بعدِي فسيرى اخْتِلَافا كثيرا وَهَذَا ذمّ للمختلفين وتحذير من سلوك سبيلهم وَإِنَّمَا كَثْرَة الِاخْتِلَاف وتفاقم أمره سَبَب التَّقْلِيد وَأَهله هم الَّذين فرقوا الدّين وصيروا أَهله شيعًا كل فرقة تنصر متبوعها وَتَدْعُو إِلَيْهِ وتذم من خالفها وَلَا يرَوْنَ الْعَمَل بقَوْلهمْ حَتَّى كَأَنَّهُمْ مِلَّة أُخْرَى سواهُم يدأبون ويكدحون فِي الرَّد عَلَيْهِم وَيَقُولُونَ كتبهمْ وكتبنا وأئمتهم وأئمتنا ومذهبهم ومذهبنا هَذَا وَالنَّبِيّ وَاحِد وَالْقُرْآن وَاحِد وَالدّين وَاحِد والرب وَاحِد فَالْوَاجِب على الْجَمِيع أَن ينقادوا إِلَى كلمة سَوَاء بَينهم كلهم أَلا يطيعوا إِلَّا الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا يجْعَلُوا مَعَه من تكون أَقْوَاله كنصوصه وَلَا يتَّخذ بَعضهم بَعْضًا أَرْبَابًا من دون الله وَلَو اتّفقت كلمتهم على ذَلِك وانقاد كل مِنْهُم لمن دَعَاهُ إِلَى الله تَعَالَى وَرَسُوله ص وتحاكموا كلهم إِلَى السّنة وآثار الصَّحَابَة لقل الِاخْتِلَاف وَإِن لم يعْدم من الأَرْض وَلِهَذَا تَجِد أقل النَّاس اخْتِلَافا أهل السّنة والْحَدِيث فَلَيْسَ على وَجه الأَرْض طَائِفَة أَكثر اتِّفَاقًا وَأَقل اخْتِلَافا مِنْهُم لما بنوا على هَذَا الأَصْل وَكلما كَانُوا عَن الحَدِيث أبعد كَانَ اخْتلَافهمْ فِي أنفسهم أَشد وَأكْثر فَإِن من رد الْحق مرج عَلَيْهِ أمره وَاخْتَلَطَ عَلَيْهِ والتبس عَلَيْهِ وَجه الصَّوَاب فَلم يدر أَيْن يذهب كَمَا قَالَ تَعَالَى {بل كذبُوا بِالْحَقِّ لما جَاءَهُم فهم فِي أَمر مريج}
الْوَجْه الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ قَوْلكُم أَن عمر رَضِي الله عَنهُ كتب إِلَى شُرَيْح أَن اقْضِ بِمَا فِي كتاب الله فَإِن لم يكن فِي كتاب الله فبسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن لم يكن فِي سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فبمَا قضى بِهِ الصالحون فَهَذَا من أظهر الْحجَج عَلَيْكُم وعل بطلَان التَّقْلِيد فَإِنَّهُ أمره أَن يقدم الحكم بِكِتَاب الله تَعَالَى على كل مَا سواهُ فَإِن لم يجده فِي الْكتاب ووجده فِي السّنة لم يلْتَفت إِلَى غَيرهَا فَإِن لم يجد فِي السّنة قضى بِمَا قضى بِهِ الصَّحَابَة وَنحن نناشد الله تَعَالَى فرقة التَّقْلِيد هَل هم كَذَلِك أَو قريب من ذَلِك وَهل إِذا نزلت بهم نازلة حدث أحدهم نَفسه أَن يَأْخُذ حكمهَا من كتاب الله ثمَّ ينفذهُ فَإِن لم يجدهَا فِي كتاب الله أَخذهَا من سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن لم يجدهَا فِي سنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفتى فِيهَا بِمَا أفتى بِهِ الصَّحَابَة وَالله شَهِيد عَلَيْهِم وَمَلَائِكَته وهم شاهدون على أنفسهم بِأَنَّهُم إِنَّمَا يَأْخُذُونَ حكمهَا من قَول من قلدوه وَإِن استبان