الْكتاب وَالسّنة على الْإِجْمَاع وَجعل الْإِجْمَاع فِي الْمرتبَة الثَّالِثَة قَالَ الشَّافِعِي الْحجَّة كتاب الله عز وَجل وَسنة رَسُوله ص واتفاق الْأَئِمَّة رَحِمهم الله وَقَالَ فِي كتاب اختلافه مَعَ مَالك وَالْعلم طَبَقَات الأولى الْكتاب وَالسّنة الثَّانِيَة الْإِجْمَاع فِيمَا لَيْسَ فِيهِ كتاب وَلَا سنة الثَّالِثَة أَن يَقُول الصَّحَابِيّ فَلَا يعلم لَهُ مُخَالف من الصَّحَابَة الرَّابِعَة اخْتِلَاف الصَّحَابَة الْخَامِسَة الْقيَاس فَقدم النّظر فِي الْكتاب وَالسّنة على الْإِجْمَاع ثمَّ أخبر أَنه إِنَّمَا يصير إِلَى الْإِجْمَاع فِيمَا لم يعلم فِيهِ كتاب وَلَا سنة وَهَذَا هُوَ الْحق
وَقَالَ أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ الْعلم عندنَا مَا كَانَ عَن الله تَعَالَى من كتاب نَاطِق نَاسخ غير مَنْسُوخ وَمَا صحت بِهِ الْأَخْبَار عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِمَّا لَا معَارض لَهُ وَمَا جَاءَ عَن الْأَوَّلين من الصَّحَابَة مَا اتَّفقُوا عَلَيْهِ فَإِذا اخْتلفُوا لم يخرج عَن اخْتلَافهمْ وَإِذا خَفِي ذَلِك وَلم يفهم فَعَن التَّابِعين فَإِذا لم يجد عَن التَّابِعين فَعَن أَئِمَّة الْهدى من أتباعهم مثل أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ وَحَمَّاد بن زيد وَحَمَّاد ابْن سَلمَة وسُفْيَان وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن بن صَالح ثمَّ مَا لم يُوجد عَن أمثالهم فَعَن مثل عبد الرحمن بن مهْدي وعبد الله بن الْمُبَارك وعبد الله بن إِدْرِيس وَيحيى بن آدم وَابْن عُيَيْنَة ووكيع بن الْجراح وَمن بعدهمْ مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي وَزيد بن هَارُون والْحميدِي وَأحمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه الْحَنْظَلِي وَأبي عبيد الْقَاسِم بن سَلام انْتهى فَهَذَا طَرِيق أهل الْعلم وأئمة الدّين جعل أَقْوَال هَؤُلَاءِ بَدَلا عَن الْكتاب وَالسّنة وأقوال الصَّحَابَة بِمَنْزِلَة التَّيَمُّم إِنَّمَا يُصَار إِلَيْهِ عِنْد عدم المَاء فَعدل هَؤُلَاءِ الْمُتَأَخّرُونَ المقلدون إِلَى التَّيَمُّم وَالْمَاء بَين أظهرهم أسهل من التَّيَمُّم بِكَثِير ثمَّ حدث بعد هَؤُلَاءِ فرقة هم أَعدَاء الْعلم وَأَهله فقالو إِذا نزلت بالمفتي أَو الْحَاكِم نازلة لم يجز لَهُ أَن ينظر فِيهَا فِي كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَا سنة رَسُوله ص وَلَا أَقْوَال الصَّحَابَة بل إِلَى مَا قَالَ مقلده ومتبوعه وَمن جعله معيارا على الْكتاب وَالسّنة فَمَا وَافق قَوْله أفتى بِهِ وَحكم بِهِ وَمَا خَالفه لم يجز أَن يُفْتِي بِهِ وَلَا ان يقْضِي بِهِ فَإِن فعل ذَلِك تعرض لعزله عَن منصب الْفَتْوَى وَالْحكم واستفتى عَلَيْهِ مَا تَقول السَّادة الْفُقَهَاء فِيمَن ينتسب إِلَى إِمَام معِين يقلده دون غَيره ثمَّ يَنْفِي أَو يحكم بِخِلَاف مذْهبه هَل يجوز لَهُ ذَلِك أم لَا وَهل يقْدَح ذَلِك فِيهِ أم لَا فينغض المقلدون رُءُوسهم وَيَقُولُونَ لَا يجوز لَهُ ذَلِك ويقدح فِيهِ وَلَعَلَّ القَوْل الَّذِي عدل إِلَيْهِ هُوَ قَول أبي بكر وَعمر وَابْن مَسْعُود وَأبي بن كَعْب ومعاذ بن جبل وأمثالهم فيجيب هَذَا الَّذِي انتصب للتوقيع عَن الله تَعَالَى وَرَسُوله ص بِأَنَّهُ لَا يجوز لَهُ مُخَالفَة قَول متبوعه لأقوال من هُوَ أعلم بِاللَّه وَرَسُوله مِنْهُ وَإِن كَانَ مَعَ أَقْوَالهم كتاب الله وَسنة رَسُوله وَهَذَا من أعظم جنايات التَّقْلِيد على الدّين وَلَو أَنهم لزموا حَدهمْ ومرتبتهم وأخبروا إِخْبَارًا مُجَردا عَمَّا وجدوه من السوَاد فِي الْبيَاض من أَقْوَال لَا علم لَهُم بصحيحها من باطلها لَكَانَ لَهُم